كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

لَك مِنْ أَنَّهَا عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُمْ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ النَّاسَ يَتَوَارَثُونَ بِالرَّحِمِ وَتَقُولُونَ خِلاَفَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ تَزْعُمُونَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ وَتَرَكَ أَخْوَالَهُ وَمَوَالِيَهُ فَمَالُهُ لِمَوَالِيهِ دُونَ أَخْوَالِهِ , فَقَدْ مَنَعْت ذَوِي الْأَرْحَامِ الَّذِينَ قَدْ تُعْطِيهِمْ فِي حَالٍ وَأَعْطَيْت الْمَوْلَى الَّذِي لاَ رَحِمَ لَهُ الْمَالَ. قَالَ: فَمَا حَجَّتُك فِي أَنْ لاَ تُرَدَّ الْمَوَارِيثَ؟ قُلْنَا: مَا وَصَفْت لَك مِنْ الِانْتِهَاءِ إلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ لاَ أَزِيدَ ذَا سَهْمٍ عَلَى سَهْمِهِ , وَلاَ أَنْقُصُهُ قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ تُثْبِتهُ سِوَى هَذَا؟ قُلْت: نَعَمْ , قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ , وَهُوَ يَرِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} وَقَالَ: عَزَّ ذِكْرُهُ {, وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَذَكَرَ الْأَخَ وَالْأُخْتَ مُنْفَرِدَيْنِ فَانْتَهَى بِالْأُخْتِ إلَى النِّصْفِ وَبِالْأَخِ إلَى الْكُلِّ وَذَكَرَ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مُجْتَمَعِينَ فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ مِثْلَ حُكْمِهِ بَيْنَهُمْ مُنْفَرِدِينَ قَالَ: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَجَعَلَهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ , فَمَنْ قَالَ بِرَدِّ الْمَوَارِيثِ قَالَ: أُوَرِّثُ الْأُخْتَ الْمَالَ كُلَّهُ فَخَالَفَ قَوْلُهُ الْحُكْمَيْنِ مَعًا. قُلْت: فَإِنْ قُلْتُمْ نُعْطِيهَا النِّصْفَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَرُدُّ عَلَيْهَا النِّصْفَ لاَ مِيرَاثًا. قُلْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ تَرُدُّهُ عَلَيْهَا؟ قَالَ: مَا نَرُدُّهُ أَبَدًا إلَّا مِيرَاثًا أَوْ يَكُونُ مَالاً حُكْمُهُ إلَى الْوُلاَةِ فَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ الْوُلاَةُ بِمُخَيَّرِينَ , وَعَلَى الْوُلاَةِ أَنْ يَجْعَلُوهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ , وَلَوْ كَانُوا فِيهِ مُخَيَّرِينَ كَانَ لِلْوَالِي أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ شَاءَ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
بَابُ مِيرَاثِ الْجَدِّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رحمه الله تعالى: وَقُلْنَا إذَا وَرِثَ الْجَدُّ مَعَ الْإِخْوَةِ@

الصفحة 173