كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحْكَامِهِ وَحُكْمِ الْأَبِ فِيمَا سِوَاهَا قُلْنَا إنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَ أَحْكَامِهِ فِيهَا قِيَاسًا مِنْهُمْ لِلْجَدِّ عَلَى الْأَبِ قَالُوا وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ؟ قُلْنَا أَرَأَيْتُمْ الْجَدَّ لَوْ كَانَ إنَّمَا يَرِثُ بِاسْمِ الْأُبُوَّةِ هَلْ كَانَ اسْمُ الْأُبُوَّةِ يُفَارِقُهُ لَوْ كَانَ دُونَهُ أَبٌ , أَوْ يُفَارِقُهُ لَوْ كَانَ قَاتِلاً أَوْ مَمْلُوكًا , أَوْ كَافِرًا ؟ قَالَ : لاَ قُلْنَا , فَقَدْ نَجِدُ اسْمَ الْأُبُوَّةِ يَلْزَمُهُ , وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ , وَإِنَّمَا وَرَّثْنَاهُ بِالْخَبَرِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ لاَ بِاسْمِ الْأُبُوَّةِ قَالَ : فَإِنَّهُمْ لاَ يُنْقِصُونَهُ مِنْ السُّدُسِ وَذَلِكَ حُكْمُ الْأَبِ قُلْنَا وَنَحْنُ لاَ نَنْقُصُ الْجَدَّةَ مِنْ السُّدُسِ أَفَتَرَى ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ فَتَقِفُهَا مَوْقِفَ الْأَبِ فَتَحْجُبُ بِهَا الْإِخْوَةُ ؟ قَالُوا : لاَ وَلَكِنْ قَدْ حَجَبْتُمْ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأُمِّ بِالْجَدِّ كَمَا حَجَبْتُمُوهُمْ بِالْأَبِ قُلْنَا نَعَمْ قُلْنَا هَذَا خَبَرًا لاَ قِيَاسًا , أَلاَ تَرَى أَنَّا نُحَجِّبُهُمْ بِابْنَةِ ابْنٍ مُتَسَفِّلَةٍ , وَلاَ نَحْكُمُ لَهَا بِحُكْمِ الْأَبِ . وَهَذَا يُبَيِّنُ لَكُمْ أَنَّ الْفَرَائِضَ تَجْتَمِعُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ بَعْضٍ قَالُوا وَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلُوا أَبَا الْأَبِ كَالْأَبِ كَمَا جَعَلْتُمْ ابْنَ الِابْنِ كَالِابْنِ ؟ قُلْنَا لِاخْتِلاَفِ الْأَبْنَاءِ وَالْآبَاءِ ; لِأَنَّا وَجَدْنَا الْأَبْنَاءَ أَوْلَى بِكَثْرَةِ الْمَوَارِيثِ مِنْ الْآبَاءِ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَتْرُكُ أَبَاهُ وَابْنَهُ فَيَكُونُ لِابْنِهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَلِأَبِيهِ السُّدُسُ وَيَكُونُ لَهُ بَنُونَ يَرِثُونَهُ مَعًا , وَلاَ يَكُونُ أَبَوَانِ يَرِثَانِهِ مَعًا , وَقَدْ نُوَرِّثُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ الْأُخْتَ , وَلاَ نُوَرِّثُ ابْنَتَهَا أَوْ نُوَرِّثُ الْأُمَّ , وَلاَ نُوَرِّثُ ابْنَتَهَا إذَا كَانَ دُونَهَا غَيْرَهَا , وَإِنْ وَرَّثْنَاهَا لَمْ نُوَرِّثْهَا قِيَاسًا عَلَى أُمِّهَا , وَإِنَّمَا وَرَّثْنَاهَا خَبَرًا لاَ قِيَاسًا قَالَ : فَمَا حُجَّتُكُمْ فِي أَنْ أَثْبَتُّمْ فَرَائِضَ الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ ؟ قُلْنَا مَا وَصَفْنَا مِنْ الِاتِّبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالُوا وَمَا غَيْرُ ذَلِكَ ؟ قُلْنَا أَرَأَيْت رَجُلاً مَاتَ وَتَرَكَ أَخَاهُ وَجَدَّهُ هَلْ يُدْلِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَى الْمَيِّتِ بِقَرَابَةِ نَفْسِهِ ؟ قَالُوا : لاَ , قُلْنَا : أَلَيْسَ إنَّمَا يَقُولُ أَخُوهُ أَنَا ابْنُ أَبِيهِ وَيَقُولُ جَدُّهُ أَنَا أَبُو أَبِيهِ وَكِلاَهُمَا يَطْلُبُ مِيرَاثَهُ لِمَكَانِهِ مِنْ أَبِيهِ ؟@
الصفحة 176