كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

.
بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فَيَهْلِكُ بِعَيْنِهِ , أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى , وَلَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ شَيْءٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِثْلَ عَبْدٍ وَسَيْفٍ وَدَارٍ وَأَرْضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَا ذَلِكَ الشَّيْءِ , أَوْ هَلَكَ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ مِثْلُ دَارٍ ذَهَبَ السَّيْلُ بِثُلُثَيْهَا , أَوْ أَرْضٍ كَذَلِكَ فَالثُّلُثُ كَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَوْجُودَةٌ وَخَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ .
بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْوَصِيَّةِ فِي حَالٍ , وَلاَ يَجُوزُ فِي أُخْرَى .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى , وَلَوْ قَالَ : أَعْطُوا فُلاَنًا كَلْبًا مِنْ كِلاَبِي وَكَانَتْ لَهُ كِلاَبٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ جَائِزَةً ; لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ , وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَرَثَةُ , وَلَمْ يُعْطُوهُ إيَّاهُ , أَوْ غَيْرُهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ يَأْخُذُهُ ; لِأَنَّهُ لاَ ثَمَنَ لِلْكَلْبِ , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ فَقَالَ : أَعْطُوا فُلاَنًا كَلْبًا مِنْ مَالِي كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ , وَلاَ لَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا مِنْ ثُلُثِهِ كَلْبًا فَيُعْطُوهُ إيَّاهُ , وَلَوْ اسْتَوْهَبُوهُ فَوَهَبَ لَهُمْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلاً فِي مَالِهِ وَكَانَ مِلْكًا لَهُمْ , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعْطُوا مِلْكَهُمْ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْمُوصِي لَمْ يَمْلِكْهُ . وَلَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ طَبْلاً مِنْ طُبُولِي وَلَهُ الطَّبْلُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلْحَرْبِ وَالطَّبْلُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلَّهْوِ فَإِنْ كَانَ الطَّبْلُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ لِلَّهْوِ يَصْلُحُ لِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهْوِ قِيلَ : لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ أَيَّ الطَّبْلَيْنِ شِئْتُمْ ; لِأَنَّ كُلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ طَبْلٍ , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ , لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ الْآخَرِ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ : أَعْطُوهُ طَبْلاً مِنْ مَالِي , وَلاَ طَبْلَ لَهُ ابْتَاعَ لَهُ الْوَرَثَةُ أَيَّ الطَّبْلَيْنِ شَاءُوا بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ , وَإِنْ ابْتَاعُوا لَهُ@

الصفحة 193