كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
الْمَسَاكِينِ يَدْخُلُ فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ ; لِأَنَّ الْمِسْكِينَ فَقِيرٌ وَالْفَقِيرَ مِسْكِينٌ إذَا أَفْرَدَ الْمُوصِي الْقَوْلَ هَكَذَا , وَلَوْ قَالَ : ثُلُثُ مَالِي فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ , عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمَسْكَنَةِ , فَالْفَقِيرُ الَّذِي لاَ مَالَ لَهُ , وَلاَ كَسْبَ يَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا , وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَهُ مَالٌ , أَوْ كَسْبٌ يَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا , وَلاَ يُغْنِيهِ , فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ وَنَعْنِي بِهِ مَسَاكِينَ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مَالٌ , وَفُقَرَاءَهُمْ , وَإِنْ قَلَّ , وَمَنْ أَعْطَى فِي فُقَرَاءَ , أَوْ مَسَاكِينَ , فَإِنَّمَا أَعْطَى لِمَعْنَى فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ , فَيَنْظُرُ فِي الْمَسَاكِينِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُخْرِجُهُ مِنْ الْمَسْكَنَةِ مِائَةٌ وَآخَرُ يُخْرِجُهُ مِنْ الْمَسْكَنَةِ خَمْسُونَ أَعْطَى الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ الْمَسْكَنَةِ مِائَةٌ سَهْمَيْنِ وَاَلَّذِي يُخْرِجُهُ خَمْسُونَ سَهْمًا , وَهَكَذَا يَصْنَع فِي الْفُقَرَاءِ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ , وَلاَ يَدْخُلُ فِيهِمْ , وَلاَ يُفَضَّلُ ذُو قَرَابَةٍ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِمَا وَصَفْت فِي غَيْرِهِ مِنْ قَدْرِ مَسْكَنَتِهِ , أَوْ فَقْرِهِ . ( قَالَ ) فَإِذَا نُقِلَتْ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ أَوْ خُصَّ بِهَا بَعْضُ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ دُونَ بَعْضٍ كَرِهْته , وَلَمْ يَبِنْ لِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمَانٌ , وَلَكِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاءَ وَمَسَاكِينَ فَأَعْطَى أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ضَمِنَ نِصْفَ الثُّلُثِ , وَهُوَ السُّدُسُ ; لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ صِنْفَيْنِ فَحَرَّمَ أَحَدَهُمَا , وَلَوْ أَعْطَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ ضَمِنَ , وَلَوْ أَعْطَى وَاحِدًا ضَمِنَ ثُلُثَيْ السُّدُسِ ; لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يُقَسَّمُ عَلَيْهِ السُّدُسُ ثَلاَثَةٌ , وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثُّلُثُ لِصِنْفٍ كَانَ أَقَلُّ مَا يُقَسَّمُ عَلَيْهِ ثَلاَثَةً , وَلَوْ أَعْطَاهَا اثْنَيْنِ ضَمِنَ حِصَّةَ وَاحِدٍ إنْ كَانَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ السُّدُسُ فَثُلُثُ السُّدُسِ , وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَثُلُثُ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ حِصَّةٌ وَاحِدَةٌ , وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : ثُلُثُ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ يَضَعُهُ حَيْثُ رَأَى مِنْهُمْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مَا يَضَعُهُ فِيهِ ثَلاَثَةٌ يَضْمَنُ إنْ وَضَعَهُ فِي أَقَلِّ حِصَّةٍ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلاَثَةِ وَكَانَ الِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ , وَلاَ يَضِيقُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فَيَضَعُهُ فِي أَحْوَجِهِمْ , وَلاَ يَضَعُهُ كَمَا وَصَفْت @
الصفحة 196