كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أُعْطِيه مَنْ أَرَادَ الْغَزْوَ لاَ يَجْزِي عِنْدِي غَيْرُهُ ; لِأَنَّ مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ أَعْطَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَذْهَبُ إلَى غَيْرِ الْغَزْوِ , وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَا أُرِيدَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ . وَالْقَوْلُ فِي أَنْ يُعْطَاهُ مَنْ غَزَا مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ مَالُ الْمُوصِي وَيَجْمَعُ عُمُومَهُمْ , وَإِنْ يُعْطُوا بِقَدْرِ مَغَازِيهِمْ إذَا بَعُدَتْ وَقَرُبَتْ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي أَنْ تُعْطَى الْمَسَاكِينُ بِقَدْرِ مَسْكَنَتِهِمْ لاَ يَخْتَلِفُ , وَفِي أَقَلِّ مَنْ يُعْطَاهُ , وَفِي مُجَاوَزَتِهِ إلَى بَلَدِ غَيْرِهِ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي الْمَسَاكِينِ لاَ يَخْتَلِفُ , وَلَوْ قَالَ : أَعْطَوْهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , أَوْ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ , أَوْ فِي سَبِيل الْبِرِّ , أَوْ فِي سَبِيلِ الثَّوَابِ جُزِّئَ أَجْزَاءً فَأُعْطِيه ذُو قَرَابَتِهِ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ , وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ , وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ , وَالْغُزَاةُ , وَابْنُ السَّبِيلِ , وَالْحَاجُّ , وَدَخَلَ الضَّيْفُ وَابْنُ السَّبِيلِ وَالسَّائِلُ وَالْمُعْتَرُّ فِيهِمْ , أَوْ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لاَ يُجَزِّئُ عِنْدِيِّ غَيْرُهُ أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَ هَؤُلاَءِ لِكُلِّ صِنْفُ مِنْهُمْ سَهْمٌ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْوَصِيُّ ضَمِنَ سَهْمَ مَنْ مَنَعَهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ حَبَسَ لَهُ سَهْمَهُ حَتَّى يَجِدَهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ , أَوْ يُنْقَلَ إلَى أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ بِهِ مِمَّنْ فِيهِ ذَلِكَ الصِّنْفُ فَيُعْطُونَهُ .
بَابُ الْوَصِيَّةِ فِي الْحَجِّ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَكَانَ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ فَأَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَإِنْ بَلَغَ ثُلُثُهُ حَجَّةً مِنْ بَلَدِهِ أَحَجَّ عَنْهُ رَجُلاً مِنْ بَلَدِهِ , وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَحَجَّ عَنْهُ رَجُلاً مِنْ حَيْثُ بَلَغَ ثُلُثُهُ . ( قَالَ الرَّبِيعُ ) الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمِيقَاتِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ قَالَ : أَحِجُّوا عَنِّي فُلاَنًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ الْمِائَةُ أَكْثَرَ مِنْ إجَارَتِهِ أُعْطِيهَا ; لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَهُ كَانَ بِعَيْنِهِ , أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا , فَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَأَوْصَى لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ قِيلَ : لَهُ إنْ شِئْت فَأَحْجِجْ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِك وَيُبْطِلُ الْفَضْلُ عَنْ أَجْرِ مِثْلِك ; لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ لاَ تَجُوزُ , وَإِنْ لَمْ تَشَأْ أَحَجَجْنَا عَنْهُ غَيْرَك بِأَقَلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ@
الصفحة 199