كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

بَلَدِهِ , وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُحَابَاةٌ فَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ , أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ لِوَارِثٍ فَيُعْتَقُ فَاشْتُرِيَ بِقِيمَتِهِ جَازَ؟ وَهَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَقَالَ: وَارِثُهُ أَنَا أَحُجُّ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِي جَازَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ. (قَالَ) وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثَيْ حُجَّةٍ وَثُلُثُهُ يَبْلُغُ أَكْثَرُ مِنْ حِجَجٍ جَازَ ذَلِكَ لِغَيْرِ وَارِثٍ , وَلَوْ قَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي بِثُلُثِي وَثُلُثُهُ يَبْلُغُ حِجَجًا فَمَنْ أَجَازَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مُتَطَوِّعًا أَحَجَّ عَنْهُ بِثُلُثِهِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ لاَ يَزِيدُ أَحَدًا وَيَحُجُّ عَنْهُ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثُلُثِهِ مَا لاَ يَبْلُغُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ بَلَدِهِ أَحَجَّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ إلَى مَكَّةَ حَتَّى يَنْفَدَ ثُلُثُهُ. فَإِنْ فَضَلَ دِرْهَمٌ , أَوْ أَقَلُّ مِمَّا لاَ يَحُجُّ عَنْهُ بِهِ أَحَدٌ رُدَّ مِيرَاثًا وَكَانَ كَمَنْ أَوْصَى لِمَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَصِيَّةَ. (قَالَ) فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حَجَّةً أَوْ حِجَجًا فِي قَوْلِ مَنْ أَجَازَ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَأَحَجَّ عَنْهُ ضَرُورَةً لَمْ يَحُجَّ , فَالْحَجُّ عَنْ الْحَاجِّ لاَ عَنْ الْمَيِّتِ وَيَرُدُّ الْحَاجُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ. (قَالَ): وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ مَنْ حَجَّ فَأَفْسَدَ الْحَجَّ رُدَّ جَمِيعُ الْإِجَارَةِ ; لِأَنَّهُ أَفْسَدَ الْعَمَلَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ , وَلَوْ أَحَجُّوا عَنْهُ امْرَأَةً أَجْزَأَ عَنْهُ وَكَانَ الرَّجُلُ أَحَبُّ إلَيَّ , وَلَوْ أَحَجُّوا رَجُلاً عَنْ امْرَأَةٍ أَجْزَأَ عَنْهَا. (قَالَ) وَإِحْصَارُ الرَّجُلِ عَنْ الْحَجِّ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْحَجِّ , وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ أَنْ يُحِجُّوا عَنْهُ رَجُلاً فَمَاتَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَحَجَّ عَنْهُ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ رَقَبَةً فَابْتِيعَتْ فَلَمْ تُعْتَقْ حَتَّى مَاتَتْ أَعْتَقَ عَنْهُ أُخْرَى , وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ قَدْ حَجَّ حِجَّةَ الْإِسْلاَمِ فَقَالَ: أَحِجُّوا عَنِّي فُلاَنًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَعْطُوا مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فُلاَنًا وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَلِلْحَاجِّ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ نِصْفُ الثُّلُثِ وَيَحُجُّ عَنْهُ رَجُلٌ بِمِائَةِ.@

الصفحة 200