كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْأَرْضَ الَّتِي لاَ مَاءَ لَهَا وَاَلَّتِي إنَّمَا تُسْقَى بِنَطْفِ السَّمَاءِ , أَوْ السَّيْلِ إنْ حَدَثَ فَلاَ يَصْلُحُ كِرَاؤُهَا إلَّا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهُ إيَّاهَا أَرْضًا بَيْضَاءَ لاَ مَاءَ لَهَا يَصْنَعُ بِهَا الْمُكْتَرِي مَا شَاءَ فِي سَنَةٍ إلَّا أَنَّهُ لاَ يَبْنِي , وَلاَ يَغْرِسُ فِيهَا , وَإِذَا وَقَعَ عَلَى هَذَا الْكِرَاءِ صَحَّ , فَإِذَا جَاءَهُ مَاءٌ مِنْ سَيْلٍ , أَوْ مَطَرٍ فَزَرَعَ عَلَيْهِ , أَوْ لَمْ يَزْرَعْ , أَوْ لَمْ يَأْتِهِ مَاءٌ فَالْكِرَاءُ لَهُ لاَزِمٌ , وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ شَرْطُهُ أَنْ يَزْرَعَهَا , وَقَدْ يُمْكِنُهُ زَرْعُهَا عَثَرِيًّا بِلاَ مَاءٍ , أَوْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ فَأَكْرَاهُ إيَّاهَا أَرْضًا بَيْضَاءَ لاَ مَاءَ لَهَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا إنْ شَاءَ , أَوْ يَفْعَلَ بِهَا مَا شَاءَ صَحَّ الْكِرَاءُ وَلَزِمَهُ زَرَعَ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ , وَإِنْ أَكْرَاهُ إيَّاهَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا , وَلَمْ يَقُلْ أَرْضًا بَيْضَاءَ لاَ مَاءَ لَهَا وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهَا لاَ تُزْرَعُ إلَّا بِمَطَرٍ , أَوْ سَيْلٍ يَحْدُثُ فَالْكِرَاءُ فَاسِدٌ فِي هَذَا كُلِّهِ فَإِنْ زَرَعَهَا فَلَهُ مَا زَرَعَ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا . ( وَقَالَ الرَّبِيعُ ) فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : لِمَ أَفْسَدْت الْكِرَاءَ فِي هَذَا ؟ قِيلَ : مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ لاَ يَجِيءُ الْمَاءُ عَلَيْهَا فَيَبْطُلُ الْكِرَاءُ , وَقَدْ يَجِيءُ فَيَتِمُّ الْكِرَاءُ . فَلَمَّا كَانَ مَرَّةً يَتِمُّ وَمَرَّةً لاَ يَتِمُّ بَطَلَ الْكِرَاءُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ الْأَرْضَ ذَاتَ النَّهْرِ مِثْلَ النِّيلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَعْلُو الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا زَرْعًا هُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّ ذَلِكَ الزَّرْعَ لاَ يَصْلُحُ إلَّا بِأَنْ يَرْوِيَهَا النِّيلُ لاَ يَتْرُكُهَا , وَلاَ تَشْرَبُ غَيْرَهُ كَرِهْت هَذَا الْكِرَاءَ وَفَسَخْته إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْضَاءَ ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَعْلُوَ الْمَاءُ الْأَرْضَ عُلُوًّا يَكُونُ رَيًّا لَهَا , أَوْ يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ بِحَالٍ , فَإِذَا تُكُورِيَتْ رَيًّا بَعْدَ نُضُوبِ الْمَاءِ فَالْكِرَاءُ صَحِيحٌ لاَزِمٌ لِلْمُكْتَرِي زَرَعَ , أَوْ لَمْ يَزْرَعْ قَلَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ , أَوْ كَثُرَ , وَإِنْ تَكَارَاهَا وَالْمَاءُ قَائِمٌ عَلَيْهَا , وَقَدْ يَنْحَسِرُ لاَ مَحَالَةَ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الزَّرْعُ فَالْكِرَاءُ فِيهِ جَائِزٌ , وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْحَسِرُ , وَلاَ يَنْحَسِرُ كَرِهْت الْكِرَاءَ إلَّا بَعْدَ انْحِسَارِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ أَجَزْت كِرَاءَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَجَزْت النَّقْدَ فِيهِ , وَإِنْ تَكَارَى الرَّجُلُ لِلزَّرْعِ فَزَرَعَهَا أَوْ لَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى جَاءَ عَلَيْهَا النِّيلُ , أَوْ زَادَ , أَوْ أَصَابَهَا شَيْءٌ يُذْهِبُ الْأَرْضَ انْتَقَضَ الْكِرَاءُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِ تَلِفَتْ الْأَرْضُ , وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ تَلِفَ وَبَعْضٌ لَمْ يَتْلَفْ , وَلَمْ يَزْرَعْ فَرَبُّ الزَّرْعِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا ; لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ @
الصفحة 26