كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
تَرَكَهَا فَلَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا , وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهَا بِشَيْءٍ يُقِيمُ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى لَوْ مَرَّ بِهِ سَيْلٌ لَمْ يَنْزِعْهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ ؟ , وَلَوْ تَكَارَاهَا حَتَّى إذَا اسْتَحْصَدَتْ فَأَصَابَ الْأَرْضَ حَرِيقٌ فَاحْتَرَقَ الزَّرْعُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ إنَّمَا تَلِفَ شَيْءٌ يَضَعُهُ الزَّارِعُ مِنْ مَالِهِ كَمَا لَوْ تَكَارَى مِنْهُ دَارًا لِلْبُرِّ فَاحْتَرَقَ الْبُرُّ , وَلاَ مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَبَقِيَتْ الدَّارُ سَالِمَةً لَمْ يُنْتَقَصْ سَكَنُهَا كَانَ الْكِرَاءُ لَهُ لاَزِمًا , وَلَمْ يَكُنْ احْتِرَاقُ الْمَتَاعِ مِنْ مَعْنَى الدَّارِ بِسَبِيلٍ . وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْأَرْضَ سَنَةً مُسَمَّاةً أَوْ سَنَتَهُ هَذِهِ فَزَرَعَهَا وَحَصَدَ وَبَقِيَ مِنْ سَنَتِهِ هَذِهِ شَهْرٌ , أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى تَكْمُلَ سَنَتُهُ , وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمُكْتَرِي جَمِيعَ السَّنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ الْمَطَرِ , أَوْ أَرْضَ السَّقْيِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَنَافِعُ مِنْ زَرْعٍ وَعَثَرِيٍّ وَسَيْلٍ وَمَطَرٍ , وَلاَ يُؤَيِّسُ مِنْ الْمَطَرِ عَلَى حَالٍ وَلِمَنَافِعَ سِوَى هَذَا لاَ يَمْنَعُهَا الْمُكْتَرِي , وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا قَمْحًا فَأَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهَا شَعِيرًا , أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحُبُوبِ سِوَى الْقَمْحِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهُ لاَ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ إضْرَارًا أَكْثَرَ مِنْ إضْرَارِ مَا شَرَطَ أَنَّهُ يُزْرَعُ بِبَقَاءِ عُرُوقِهِ فِي الْأَرْضِ , أَوْ إفْسَادِهِ الْأَرْضَ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ فَلَهُ زَرْعُهَا مَا أَرَادَ بِهَذَا الْمَعْنَى كَمَا يَكْتَرِي مِنْهُ الدَّارَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَيَسْكُنَهَا مِثْلُهُ , وَإِنْ كَانَ مَا أَرَادَ زَرْعَهَا يُنْقِصُهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَكْثَرَ مِنْ نَقْصِ مَا اشْتَرَطَ أَنْ يَزْرَعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ زَرْعُهَا فَإِنْ زَرَعَهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْكِرَاءَ الَّذِي سَمَّى لَهُ وَمَا نَقَصَ زَرْعُهُ الْأَرْضَ عَمَّا يُنْقِصُهَا الزَّرْعُ الَّذِي شَرَطَ لَهُ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ كِرَاءَ مِثْلِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّرْعِ , وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ الزَّرْعُ كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَطْعُ زَرْعِهِ إنْ شَاءَ وَيَزْرَعُهَا الْمُكْتَرِي مِثْلَ الزَّرْعِ الَّذِي شَرَطَ لَهُ , أَوْ مَا لاَ يَضُرُّ أَكْثَرَ مِنْ إضْرَارِهِ . وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْبَعِيرَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةِ رِطْلٍ قُرْطًا فَحَمَلَ @
الصفحة 28