كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

وَكَذَلِكَ الْبَعِيرَانِ جِنْسٌ يَجْتَمِعَانِ عَلَى صَاحِبِهِمَا فِي الصَّدَقَةِ , وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ مِنْهُ مَا يَكُونُ الْمِثْقَالُ ثَمَنَ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا لِجَوْدَتِهِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ الْمِثْقَالُ بِشَيْءٍ أَقَلَّ مِنْهُ بِكَثِيرٍ لِتَفَاضُلِهِمَا , وَلاَ يَجُوزُ , وَإِنْ تَفَاضَلاَ أَنْ يُبَاعَا إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَيُجْمَعَانِ عَلَى صَاحِبِهِمَا فِي الصَّدَقَةِ , فَإِمَّا أَنْ تَجْرِيَ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ , وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ كَمَا قُلْنَا وَبِالدَّلاَئِلِ الَّتِي وَصَفْنَا , وَبِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ يُسَلَّمَانِ فِيمَا سِوَاهُمَا بِخِلاَفِ مَا سِوَاهُمَا فِيهِمَا , فَأَمَّا أَنْ يَتَحَكَّمَ الْمُتَحَكِّمُ فَيَقُولُ مَرَّةً فِي شَيْءٍ مِنْ الْجِنْسِ لاَ يَجُوزُ الْفَضْلُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ قِيَاسًا عَلَى هَذَا . ثُمَّ يَقُولُ مَرَّةً أُخْرَى لَيْسَ هُوَ مِنْ هَذَا فَإِنْ كَانَ هَذَا جَائِزًا لِأَحَدٍ جَازَ لِكُلِّ امْرِئٍ أَنْ يَقُولَ مَا خَطَر عَلَى قَلْبِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّ الْخَاطِرَ لاَ يَعْدُو أَنْ يُوَافِقَ أَثَرًا , أَوْ يُخَالِفَهُ , أَوْ قِيَاسًا أَوْ يُخَالِفَهُ , فَإِذَا جَازَ لِأَحَدٍ الْأَخْذُ بِالْأَثَرِ وَتَرْكُهُ وَالْأَخْذُ بِالْقِيَاسِ وَتَرْكُهُ لَمْ يَكُنْ هَا هُنَا مَعْنًى إلَّا أَنْ يَقُولَ امْرُؤٌ بِمَا شَاءَ , وَهَذَا مُحَرَّمٌ عَلَى النَّاسِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : الْإِجَارَةُ كَمَا وَصَفْت بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَسْتَأْجِرَ الْعَبْدَ سَنَةً بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَتُعَجِّلَ الدَّنَانِيرَ , أَوْ تَكُونَ إلَى سَنَةٍ , أَوْ سَنَتَيْنِ , أَوْ عَشْرِ سِنِينَ فَلاَ بَأْسَ إنْ كَانَتْ عَلَيْك خَمْسَةُ دَنَانِيرَ حَالَّةً أَنْ تُؤَاجِرَ بِهَا عَبْدًا لَك مِنْ رَبِّ الدَّنَانِيرِ إذَا قَبَضَ الْعَبْدَ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ دَيْنًا بِدَيْنٍ الْحُكْمُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ نَقْدًا غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَسْتَوْفِي الْإِجَارَةَ فِي مُدَّةٍ تَأْتِي , وَلَوْلاَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ هَكَذَا مَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ بِدَيْنٍ أَبَدًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ , وَلاَ عُرِفَتْ لَهَا وَجْهًا تَجُوزُ فِيهِ وَذَلِكَ أَنِّي إنْ قُلْت لاَ تَجِبُ الْإِجَارَةُ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةً وَالْمَنْفَعَةُ دَيْنٌ فَكَانَ هَذَا دَيْنًا بِدَيْنٍ . وَلَوْ قُلْت : يَجُوزُ أَنْ أَسْتَأْجِرَ مِنْك عَبْدَك بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ شَهْرًا , فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ دَفَعْت إلَيْك الْعَشَرَةَ كَانَتْ الْعَشَرَةُ دَيْنًا وَكَانَتْ الْمَنْفَعَةُ دَيْنًا فَكَانَ هَذَا دَيْنًا بِدَيْنٍ , وَلَوْ قُلْت@

الصفحة 39