كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَدْفَع إلَيْك عَشْرَةً وَأَقْبِضُ الْعَبْدَ يَخْدُمُنِي شَهْرًا كَانَ هَذَا سَلَفًا فِي شَيْءٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَسَلَفًا غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَكَانَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا إبْطَالُ الْإِجَارَاتِ , وَقَدْ أَجَازَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَجَازَتْهَا السُّنَّةُ وَأَجَازَهَا الْمُسْلِمُونَ , وَقَدْ كَتَبْنَا تَثْبِيتَ إجَازَتِهَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ , وَلَوْلاَ أَنَّ مَا قُلْت كَمَا قُلْت إنْ دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ دَارٍ وَعَبْدٍ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ دَفَعَ الْعَيْنَ الَّتِي فِيهَا الْمَنْفَعَةُ فَيَحِلُّ فِي الْإِجَارَةِ النَّقْدُ وَالتَّأْخِيرُ ; لِأَنَّ هَذَا نَقْدٌ بِنَقْدٍ وَنَقْدٌ بِدَيْنٍ مَا جَازَتْ الْإِجَارَاتُ بِحَالٍ أَبَدًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهِيَ لاَ يُقْدَرُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فِيهَا إلَّا فِي مُدَّةٍ تَأْتِي قُلْنَا قَدْ عَقَلْنَا أَنَّ الْإِجَارَاتِ مُنْذُ كَانَتْ هَكَذَا , فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الطَّعَامِ يُبْتَاعُ كَيْلاً فَتُشْرَعُ فِي كَيْلِهِ فَلاَ تَأْخُذْ مِنْهُ ثَانِيًا أَبَدًا إلَّا بَعْدَ بَادِئٍ , وَكَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُك فِيهِ غَيْرُ هَذَا , وَكَذَلِكَ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةُ لاَ يُمْكِنُ فِيهِمَا أَبَدًا غَيْرُ هَذَا فَأَمَّا مَنْ قَالَ مِمَّنْ أَجَازَ الْإِجَارَاتِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَبْدَ شَهْرًا بِدِينَارٍ , أَوْ شَهْرَيْنِ , أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ قَالَ: وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِي عَلَيْك دِينَارٌ فَأَسْتَأْجِرُهُ مِنْك بِهِ ; لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَاَلَّذِي أَجَازَ هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ دَيْنًا لاَ شَكَّ وَاَلَّذِي أَبْطَلَ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجِيزَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِي أَنْ يَكُونَ لِي عَلَيْك دِينَارٌ فَآخُذُ بِهِ مِنْك دَرَاهِمَ وَيَكُونُ كَيْنُونَتُهُ عَلَيْك كَقَبْضِك إيَّاهُ مِنْ يَدِي , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَك دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ وَيَزْعُمُ هُنَا فِي الصَّرْفِ أَنَّهُ نَقْدٌ وَيَزْعُمُ فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ دَيْنٌ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ أَنَّهُ نَقْدٌ فِيهِمَا جَمِيعًا , أَوْ دَيْنٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ جَازَ هَذَا جَازَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ نَقْدًا حَيْثُ جَعَلَهُ دَيْنًا وَدَيْنًا حَيْثُ جَعَلَهُ نَقْدًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْبُيُوعُ الصَّحِيحَةُ صِنْفَانِ: بَيْعُ عَيْنٍ يَرَاهَا الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ@
الصفحة 40