كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

, وَبَيْعُ صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْبَائِعِ , وَبَيْعٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الرَّجُلُ يَبِيعُ السِّلْعَةَ بِعَيْنِهَا غَائِبَةً عَنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْبَائِعِ إنْ سَلِمَتْ السِّلْعَةُ حَتَّى يَرَاهَا الْمُشْتَرِي كَانَ فِيهَا بِالْخِيَارِ بَاعَهُ إيَّاهَا عَلَى صِفَةٍ وَكَانَتْ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الَّتِي بَاعَهُ إيَّاهَا أَوْ مُخَالِفَةً لِتِلْكَ الصِّفَةِ ; لِأَنَّ بَيْعَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ , وَلاَ يَتِمُّ الْبَيْعُ فِي هَذَا حَتَّى يَرَى الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ فَيَرْضَاهَا وَيَتَفَرَّقَانِ بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ مَقَامِهِمَا الَّذِي رَآهَا فِيهِ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ الْبَيْعُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي سِلْعَةٍ حَاضِرَةٍ اشْتَرَاهَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ عَنْ تَرَاضٍ فَيَلْزَمُهُمَا , وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِعَيْنِهَا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ قَرِيبٍ , وَلاَ بَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْأَجَلِ وَيَجُوزُ فِيمَا حَلَّ لِصَاحِبِهِ وَأَخَذَهُ مُشْتَرِيه وَلَزِمَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ . فَأَمَّا بَيْعٌ لَمْ يَلْزَمْ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ وَكَيْفَ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ , وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ بَيْعٌ , وَلَمْ يَرَهُ , وَلَمْ يَرْضَهُ ؟ فَإِنْ تَطَوَّعَ فَنَقَدَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ رَضِيَ كَانَ نَقْدُ الثَّمَنِ , وَإِنْ سَخِطَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا بَأْسٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ , وَلاَ أَنْ أُسَلِّفَك فِي الطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ فَآخُذَ مِنْك بَعْدَ مَجِيءِ الْأَجَلِ بَعْضَ طَعَامٍ وَبَعْضَ رَأْسِ مَالٍ فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ هَذَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا , أَوْ مَا كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُمَا , أَوْ مَعْنَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ بِسَبِيلٍ , أَلاَ تَرَى أَنَّ مَعْقُولاً لاَ شَكَّ فِيهِ فِي الْحَدِيثِ إذَا كَانَ إنَّمَا نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ فَإِنَّمَا نَهَى أَنْ يُجْمَعَا وَنَهْيُهُ أَنْ يُجْمَعَا مَعْقُولٌ , وَذَلِكَ أَنَّ الْأَثْمَانَ لاَ تَحِلُّ إلَّا مَعْلُومَةً , فَإِذَا اشْتَرَيْت شَيْئًا بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ أُسَلِّفَك عَشْرَةً أَوْ تُسَلِّفَنِي عَشْرَةً فَهَذَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ ; لِأَنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْهُمَا مَعْلُومَ السَّلَفِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْمُسْتَسْلِفِ فَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ أَوْ لاَ @

الصفحة 41