كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَهْلِ الْعِلْمِ بِاخْتِلاَفِهِمَا , وَلَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا بَعْدَمَا بَلَغَتْ الْمَكَانَ الَّذِي تَكَارَهَا إلَيْهِ مِيلاً , أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ رَدَّهَا فَعَطِبَتْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اكْتَرَاهَا إلَيْهِ ضَمِنَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِي تَعَدَّى إلَّا بِأَدَائِهَا سَالِمَةً إلَى رَبِّهَا .
الْإِجَارَاتُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى قَالَ قَائِلٌ لَيْسَ كِرَاءُ الْبُيُوتِ , وَلاَ الْأَرْضِينَ , وَلاَ الظَّهْرِ يُلاَزِمُ , وَلاَ جَائِزٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَالتَّمْلِيكُ بَيْعٌ وَلَمَّا رَأَيْنَا الْبُيُوعَ تَقَعُ عَلَى أَعْيَانِ حَاضِرَةٍ تُرَى وَأَعْيَانٍ غَائِبَةٍ مَوْصُوفَةٍ مَضْمُونَةٍ , وَالْكِرَاءُ لَيْسَ بِعَيْنٍ حَاضِرٍ , وَلاَ غَائِبٍ يُرَى أَبَدًا وَرَأَيْنَا مَنْ أَجَازَهُمَا , قَالَ إذَا انْهَدَمَ الْمَنْزِلُ , أَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ انْتَقَضَ الْكِرَاءُ وَالْإِجَارَةُ فِيهِمَا , وَإِنَّمَا التَّمْلِيكُ مَا انْقَطَعَ مِلْكُ صَاحِبِهِ عَنْهُ إلَى مَنْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ , وَهُوَ إذَا مَلَكَ مُسْتَأْجِرُهُ مَنْفَعَتَهُ فَالْإِجَارَةُ لَيْسَتْ هَكَذَا مِلْكُ الْعَبْدِ لِمَالِكِهِ , وَمَنْفَعَتُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ مَجْهُولَةٌ أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِقَدْرِ نَشَاطِهِ وَبَذْلِهِ وَكَسَلِهِ وَضَعْفِهِ وَكَذَلِكَ الرُّكُوبُ مُخْتَلِفٌ فَفِيهَا أُمُورٌ تُفْسِدُهَا وَهِيَ عِنْدَنَا بَيْعٌ وَالْبُيُوعُ مَا وَصَفْنَا , وَمَنْ أَجَازَهَا , فَقَدْ يَحْكُمُ فِيهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَيُخَالِفُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي أَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَلَيْسَتْ مُحَاطًا بِهَا , فَإِنْ قَالَ أُشَبِّهُهَا بِالْبَيْعِ فَلْيَحْكُمْ لَهَا بِحُكْمِهِ , وَإِنْ قَالَ هِيَ بَيْعٌ , فَقَدْ أَجَازَ فِيهَا مَا لاَ يُجِيزُهُ فِي الْبَيْعِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا الْقَوْلُ جَهْلٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَالْإِجَارَاتُ أُصُولٌ فِي أَنْفُسِهَا بُيُوعٌ عَلَى وَجْهِهَا , وَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } فَأَجَازَ الْإِجَارَةَ عَلَى الرَّضَاعِ وَالرَّضَاعُ يَخْتَلِفُ لِكَثْرَةِ رَضَاعِ@
الصفحة 43