كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ تُخَالِفُ الْبُيُوعُ فِي أَنَّهَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ عَيْنٍ إلَى مُدَّةٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَهِيَ مَنْفَعَةٌ مَعْقُولَةٌ مِنْ عَيْنٍ مَعْرُوفَةٍ فَهِيَ كَالْعَيْنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْبُيُوعُ قَدْ تَجْتَمِعُ فِي مَعْنَى أَنَّهَا مِلْكٌ وَتَخْتَلِفُ فِي أَحْكَامِهَا , وَلاَ يَمْنَعُهَا اخْتِلاَفُهَا فِي عَامَّةِ أَحْكَامِهَا وَأَنَّهُ يَضِيقُ فِي بَعْضِهَا الْأَمْرُ وَيَتَّسِعُ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا بُيُوعًا يُحَلِّلُهَا مَا يُحَلِّلُ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهَا مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ بَعْدُ فِي مَعَانٍ أُخَرُ فَلاَ يَبْطُلُ صِنْفٌ مِنْهَا خَالَفَ صِنْفًا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ بِخِلاَفِهِ صَاحِبَهُ , وَإِنْ كَانَا قَدْ يَتَّفِقَانِ فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْبُيُوعُ لاَ تَحِلُّ إلَّا بِرِضًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَثَمَنٍ مَعْلُومٍ , وَعِنْدَنَا لاَ تَجِبُ إلَّا بِأَنْ يَتَفَرَّقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ مَقَامِهِمَا , أَوْ أَنْ يُخَيِّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيَخْتَارُ إجَازَةَ الْبَيْعِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ الْبُيُوعُ فَيَكُونُ مِنْهَا الْمُتَصَارِفَانِ لاَ يَحِلُّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَايَعَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ , وَإِنْ تَفَاضَلَتْ الذَّهَبُ إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ ثُمَّ يَكُونَانِ إنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِوَرِقٍ فَلاَ بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ تَفَرَّقَ الْمُتَصَارِفَانِ الْأَوَّلاَنِ , أَوْ هَذَانِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ الْمُتَبَايِعَانِ السِّلْعَةَ سِوَى الصَّرْفِ يَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ بِالنَّقْدِ وَيَقْبِضُ الثَّوْبَ الْمُشْتَرِي , وَلاَ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ حِينٍ فَلاَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ السَّلَفُ فِي الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ يُعَجِّلُ الثَّمَنَ وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى غَيْرَ حَالٍّ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا وَيُضَيَّقُ فِيمَا كَانَ يَكُونُ غَيْرَ هَذَا مِنْ الْبُيُوعِ الَّتِي جَازَتْ فِي هَذَا مَعَ اخْتِلاَفِ الْبُيُوعِ فِي غَيْرِ هَذَا وَكُلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ جُمْلَةً اسْمُ الْبَيْعِ , وَلاَ يَحِلُّ إلَّا بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُمَا فِي هَذَا وَاحِدٌ وَفِي سِوَاهُ مُخْتَلِفٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَبْضُ الْإِجَارَاتِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَفْعُ الثَّمَنِ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الثَّمَنِ إذَا دُفِعَتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ بِعَيْنِهَا أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْءَ الَّذِي فِيهِ@
الصفحة 46