كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

وَضَمِنَ الرُّطَبَ بَعْدَمَا انْتَفَعَ بِهِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ الْمُسَلِّمُ , وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَ مَالَهُ عَنْ غَلَّةِ سَنَةٍ بِلاَ طِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ إلَى سَنَةٍ أُخْرَى فَقَالَ هَذَا كُلُّهُ كَمَا قُلْت , وَلَكِنِّي لاَ أَجِدُ غَيْرَهُ فِيهِ قُلْت : فَإِذَا كَانَ قَوْلُك لاَ أَجِدُ غَيْرَهُ فِيهِ حُجَّةً فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ لَنَا الَّذِي هُوَ أَوْضَحُ وَأَبْيَنُ وَنَحْنُ لاَ نَجِدُ فِيهِ غَيْرَهُ حُجَّةً ؟ قَالَ وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْنَا زَعَمْنَا أَنَّ الْبُيُوعَ تَجُوزُ وَيَحِلُّ ثَمَنُهَا مَقْبُوضًا وَأَنَّ الْقَبْضَ مُخْتَلِفٌ , فَمِنْهُ مَا يُقْبَضُ بِالْيَدِ وَمِنْهُ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمِفْتَاحُ وَذَلِكَ فِي الدُّورِ وَمِنْهُ مَا يُخَلَّى الْمَالِكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي , وَهُوَ لاَ يُغْلِقُ عَلَيْهِ , وَلاَ يَقْبِضُهُ بِيَدِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَرْضِ الْمَحْدُودَةِ , وَمِنْهُ مَا هُوَ مُشَاعٌ فِي الْأَرْضِ لاَ يُدْرَى أَشَرْقِيُّهَا هُوَ أَمْ غَرْبِيُّهَا ؟ غَيْرَ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي كُلِّهَا وَمِنْهُ مَا هُوَ مُشَاعٌ فِي الْعَبْدِ لاَ يَنْفَصِلُ أَبَدًا وَكُلُّ هَذَا يُقَالُ لَهُ دَفْعٌ يُقْبَضُ بِهِ الثَّمَنُ وَيَجِبُ دَفْعُهُ وَيَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ , وَهُوَ قَبْضٌ مُخْتَلِفٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُوجَدُ فِيهِ مَعَ اخْتِلاَفِهِ غَيْرَ هَذَا . فَلَوْ قَالَ لَك مُشْتَرِي نِصْفَ الْعَبْدِ : الْبَيْعُ يَتِمُّ مَقْبُوضًا وَالْقَبْضُ مَا يَكُونُ مُنْفَصِلاً مَعْرُوفًا وَلَيْسَ يَكُونُ فِي نِصْفِ الْعَبْد قَبْضٌ فَأَنَا أَنْقُضُ الْبَيْعَ قُلْت : الْقَبْضُ يَخْتَلِفُ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَ نِصْفِ الْعَبْدِ حَائِلٌ وَسَلَّمَهُ إلَيْك فَهَذَا الْقَبْضُ الَّذِي لاَ يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ فِي هَذَا وَمِنْ الدَّفْعِ الَّذِي لاَ يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ , فَقَدْ وَجَبَ لَهُ الثَّمَنُ فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي فِي الْعَبْدِ بِالْإِجَارَةِ لاَ يُسْتَطَاعُ دَفْعُهَا إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ , أَوْ الْمَسْكَنَ , فَإِذَا دَفَعْت كَمَا لاَ يُسْتَطَاعُ غَيْرُهُ فَلِمَ لاَ يَجِبُ مَا تَمْلِكُ بِهِ الْمَنْفَعَةَ ؟ مَا بَيْنَ هَذَا فَرْقٌ وَقَبْضُ الْإِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الَّذِي فِيهِ الْإِجَارَةُ وَسَلاَمَتُهُ , فَإِذَا دَفَعَ الدَّارَ وَسَلِمَتْ فَلَهُ سُكْنَاهَا إلَى الْمُدَّةِ , وَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدَ وَسَلِمَ فَلَهُ خِدْمَتُهُ إلَى مُدَّةِ شَرْطِهِ وَخِدْمَتِهِ حَرَكَةً يُحْدِثُهَا الْعَبْدُ وَلَيْسَتْ فِي الدَّارِ حَرَكَةٌ تُحْدِثُهَا إنَّمَا مَنْفَعَتُهُ فِيهَا مَحَلِّيَّتُهُ إيَّاهَا , وَلاَ يُسْتَطَاعُ أَبَدًا فِي دَفْعِ مَا مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ غَيْرَ تَسْلِيمِ مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ وَسَلاَمَةُ مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ حَتَّى تَتِمَّ الْمَنْفَعَةُ إلَى مُدَّتِهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَذَا لَيْسَ كَدَفْعِ الْأَعْيَانِ الْأَعْيَانَ بِدَفْعٍ يُرَى , وَهَذَا بِدَفْعٍ لاَ@

الصفحة 49