كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَنْ يَفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ عَنْ دَارِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا عِنْدَك مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؟ قَالَ : لاَ , قِيلَ : أَفَيَكُونُ الْوَارِثُ الَّذِي إنَّمَا مَلَكَ عَنْ الْمَيِّتِ الْكُلَّ , أَوْ الْبَعْضَ أَحْسَنَ حَالاً مِنْ الْمَالِكِ ؟ . قَالَ : فَهَلْ رَأَيْت مِلْكًا يَنْتَقِلُ وَيُمْلَكُ عَلَى مَنْ انْتَقِلْ إلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ ؟ قُلْنَا الَّذِي وَصَفْنَا لَك مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ مَا كَانَ الْمَيِّتُ يَمْلِكُ كَافٍ لَك مِنْهُ وَنَحْنُ نُوجِدُك مِلْكًا يَنْتَقِلُ وَيُمْلَكُ عَلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ : وَأَيْنَ ؟ قُلْنَا : أَرَأَيْت رَجُلاً رَهَنَ رَجُلاً دَارًا تَسْوَى أَلْفًا بِمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ الرَّاهِنُ أَيَنْفَسِخُ الرَّهْنُ ؟ قَالَ : لاَ . قُلْنَا وَلِمَ , وَقَدْ انْتَقَلَ مِلْكُ الدَّارِ فَصَارَ لِلْوَارِثِ ؟ قَالَ : إنَّمَا يَمْلِكُهَا الْوَارِثُ كَمَا كَانَ يَمْلِكُهَا الْمَيِّتُ وَالْمَيِّتُ قَدْ أَوْجَبَ فِيهَا حَقًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَسْخُهُ إلَّا بِإِيفَاءِ الْغَرِيمِ حَقَّهُ فَالْوَارِثُ أَوْلَى أَنْ لاَ يَفْسَخَهُ , قُلْنَا فَلاَ نَسْمَعُك تَقْبَلُ مِثْلَ هَذَا مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْك فِي الْإِجَارَةِ وَتَحْتَجُّ بِهِ فِي الرَّهْنِ , وَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ تَارِكًا لِلْحَقِّ فِي رَدِّهِ فِي الْإِجَارَةِ , أَوْ فِي إنْفَاذِهِ فِي الرَّهْنِ ; لِأَنَّ حَالَهُمَا وَاحِدٌ قَدْ أَوْجَبَ الْمَيِّتُ فِي كِلَيْهِمَا حَقًّا عِنْدَنَا , وَعِنْدَك فَلاَ نَفْسَخُهُ بِوَجْهٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ مَنْ أَوْجَبَهُ لَهُ عِنْدَنَا بِحَالٍ , وَعِنْدَك إلَّا مِنْ عُذْرٍ ثُمَّ تَفْسَخُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْإِجَارَةِ مِمَّا لاَ يَكُونُ عُذْرًا فِي حَيَاةِ الْمُؤَاجِرِ وَالْعُذْرُ أَيْضًا شَيْءٌ مَا وَضَعْته أَنْتَ لاَ أَثَرًا , وَلاَ مَعْقُولاً وَأَنْتَ لاَ تَفْسَخُهُ بِعُذْرٍ , وَلاَ غَيْرِ عُذْرٍ فِي الرَّهْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي هَذَا فَرْقٌ كِلاَهُمَا أَوْجَبُ لَهُ فِيهِ مَالِكَهُ حَقًّا جَائِزًا عِنْدَنَا , وَعِنْدَك فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَا مَعًا بِكُلِّ حَالٍ وَإِمَّا أَنْ يَزُولَ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ فَيَزُولُ الْآخَرُ , أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ : وَضَعْت الْعُذْرَ تَفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةَ وَأَنَا أُبْطِلُهُ فِي الْإِجَارَةِ وَأَضَعُهُ فِي الرَّهْنِ فَأَفْسَخُ بِهِ الرَّهْنَ أَتَكُونُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ : مَا ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لِمُسْلِمٍ وَكَانَ الْحَقُّ حَلاَلاً لَمْ يَفْسَخْهُ عُذْرٌ , وَقَدْ تَقَدَّمَهُ الْحَقُّ الْوَاجِبُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : مَعَ كَثِيرٍ مِنْ مِثْلِ هَذَا يَقُولُونَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يُوصِي لِلرَّجُلِ بِرَقَبَةِ دَارِهِ وَلِآخَرَ أَنْ يَنْزِلَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَةِ الدَّارِ فَيَمْلِكُ وَارِثُهُ الدَّارَ فَإِنْ أَرَادَ مَنْعَ الْمُوصَى لَهُ بِالنُّزُولِ قِيلَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَك أَنْتَ لِلدَّارِ مَالِكٌ , وَلِهَذَا شُرِطَ فِي النُّزُولِ , وَلاَ تَمْلِكُ عَنْ أَبِيك إلَّا مَا كَانَ يَمْلِكُ , وَلاَ@
الصفحة 57