كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
يَكُونُ لَك فِيهَا أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ لَهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلاَ حَاجَةَ بِالْوَرَثَةِ إلَى الْمَسْكَنِ , فَلَوْ قَالَهُ غَيْرُهُ أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَسْت تَعْرِفُ مَا تَقُولُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُرِيدُ التِّجَارَةَ فَاشْتَرَى دَابَّةً بِأَلْفٍ , وَهُوَ لاَ يَمْلِكُ إلَّا أَلْفًا فَلَمَّا اسْتَوْجَبَهَا مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ أَطْفَالٌ وَالرَّاحِلَةُ تَسْوَى أَلْفًا , أَوْ مِائَةً فَقَالَ عَنْهُمْ وَصِيٌّ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُدْرِكٌ مُحْتَاجٌ كَانَ أَبُو هَؤُلاَءِ يَعْنِي بِالرَّوَاحِلِ لِتَكَسُّبِهِ فِيهَا وَهَؤُلاَءِ لاَ يَكْتَسِبُونَ , أَوْ يَعْنِي بِهَا لِضَرْبٍ مِنْ الْخَسَارَةِ , وَقَدْ أَصْبَحَ هَؤُلاَءِ أَيْتَامًا وَنَاقَةُ الرَّجُلِ فِي يَدِهِ لَمْ تَخْرُجْ بَعْدُ مِنْ يَدِهِ فَأَفْسِخْ الْبَيْعَ وَرُدَّ الدَّرَاهِمَ لِحَاجَةِ الْأَيْتَامِ , وَلاَ تَنْزِعْهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُمْ دَفَعَهَا , أَوْ كَانَ هَذَا فِي حَمَّامٍ اشْتَرَاهُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ أَوْ مِمَّا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ الْيَسِيرَةُ , قَالَ : لاَ أَفْسَخُ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَأُمْضِي عَلَيْهِمْ مَا فَعَلَ أَبُوهُمْ فِي مَالِهِ ; لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَهُوَ يَمْلِكُ فَأُمَلِّكُهُمْ عَنْهُ مَا كَانَ هُوَ يَمْلِكُ فِي حَيَاتِهِ , وَلاَ يَكُونُونَ أَحْسَنَ حَالاً مِنْ أَبِيهِمْ فِيمَا مَلَكُوهُ عَنْهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قِيلَ : وَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ يَتَكَارَاهُ , وَهُوَ حَلاَلٌ جَائِزٌ لَهُ , فَقَدْ مَلَكُوا مَا مَلَكَ أَبُوهُمْ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمَسْكَنِ فَإِنْ شَاءُوا سَكَنُوا فَإِنْ شَاءُوا أَكْرُوا . قَالَ : وَزَعَمَ أَنَّ رَجُلاً لَوْ تَكَارَى مِنْ الرَّجُلِ أَلْفَ بَعِيرٍ عَلَى أَنْ يَسِيرَ مِنْ بَغْدَادَ ثَمَانِ عَشَرَةَ إلَى مَكَّةَ فَخَلَّفَ الْجَمَّالُ إبِلَهُ وَعَلَفَهَا بِأَثْمَانِهَا , أَوْ أَقَلَّ , أَوْ أَكْثَرَ وَخَرَجَ الْحَاجُّ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ وَتَرَكَ الْجَمَّالُ الْكِرَاءَ مِنْ غَيْرِهِ لِلشَّرْطِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ , وَلَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا , فَإِنْ قَالَ لَك الْجَمَّالُ : قَدْ غَرَرْتنِي وَمَنَعْتَنِي الْكِرَاءَ مِنْ غَيْرِك وَكَلَّفْتَنِي مُؤْنَةً أَتَتْ عَلَى @
الصفحة 58