كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
أَثْمَانِ إبِلِي وَصَدَقَهُ الْمُكْتَرِي فَلاَ يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَيَجْلِسُ بِلاَ مُؤْنَةٍ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا , وَإِنْ كَانَ قَدْ غَرَّهُ , وَقَالَ قَائِلٌ هَذَا الْقَوْلَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمَّالُ أَنْ يَجْلِسَ وَقَالَ : بَدَا لِي أَنْ أَدَعَ الْحَجَّ وَأَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ , فَإِذَا قِيلَ لَهُ وَلِمَ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ ؟ قَالَ : مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ غَرَّهُ فَمَنَعَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَعَقَدَ لَهُ عُقْدَةً حَلاَلاً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَلِمَ لاَ يَكُونُ لِلْجَمَّالِ عَلَى الْمُتَكَارِي أَنْ يَجْلِسَ , وَقَدْ عَقَدَ لَهُ كَمَا قَالَ عُقْدَةً حَلاَلاً وَغَرَّهُ كَمَا كَانَ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَجْلِسَ وَحَالُهُمَا وَحُجَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ لَوْ كَانَ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا فِي الْعُقْدَةِ مَا لَيْسَ لِلْآخَرِ انْبَغَى أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ لِلْمُتَكَارِي أَلْزَمُ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الْجَمَّالِ فِي الْعَلَفِ وَحَبْسَ الْإِبِلِ وَضَمَانَهَا وَمِنْ قِبَلِ أَنْ لاَ مُؤْنَةَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَعَمَدَ إلَى حَقِّهِمَا لَوْ تَفَرَّقَ الْحُكْمُ فِيهِمَا أَنْ يَلْزَمَهُ فَأُبْطِلُ عَنْهُ وَأَحَقُّهُمَا أَنْ يُبْطَلَ عَنْهُ فَأُلْزِمُهُ ؟ قَالَ : وَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْعُقْدَةَ حَلاَلٌ لاَ تَنْفَسِخُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فَسْخِهَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَسُئِلَ هَلْ وَجَدَ عُقْدَةً حَلاَلاً لاَ شَرْطَ فِيهَا , وَلاَ عَيْبَ يَكُونُ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِيهَا مَا لَيْسَ لَيْسَ لِلْآخَرِ فَلاَ أَعْلَمُهُ ذَكَرَهَا ؟ فَقِيلَ وَمَا بَالُ هَذِهِ الْعُقْدَةِ مِنْ بَيْنِ الْعُقَدِ لاَ خَبَرَ , وَلاَ قِيَاسَ ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُكَارَى وَالْمُكْتَرِي فِي قَوْلِنَا وَقَوْلِهِمْ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا , قِيلَ لَهُمْ فِي هَذَا كَيْفَ تَحْكُمُونَ بِحُكْمِ الْبُيُوعِ ؟ قَالَ : هُوَ تَمْلِيكٌ , وَإِنَّمَا الْبُيُوعُ تَمْلِيكٌ فَقِيلَ لَهُمْ فَاحْكُمُوا لَهُ بِحُكْمِ الْبُيُوعِ فِيمَا أَثَبْتُمْ فِيهِ حُكْمَ الْبُيُوعِ فَيَقُولُونَ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ هَذَا مِنْ أَحَدٍ , فَإِذَا قِيلَ لِبَعْضِهِمْ أَنْتُمْ لاَ تُصَيِّرُونَ فِي هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ إلَى خَبَرٍ يَكُونُ حُجَّةً زَعَمْتُمْ , وَلاَ قِيَاسَ , وَلاَ مَعْقُولَ فَكَيْفَ قُلْتُمُوهُ ؟ قَالُوا قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَالَ لَنَا بَعْضُهُمْ مَا فِي الْإِجَارَةِ إلَّا مَا قُلْتُمْ مِنْ أَنْ نَحْكُمَ لَهَا بِحُكْمِ الْبُيُوعِ مَا كَانَتْ السَّلاَمَةُ لِلْمَنْفَعَةِ قَائِمَةً , أَوْ تَبْطُلُ , وَلاَ تَجُوزُ بِحَالٍ فَقِيلَ لَهُ فَتَصِيرُ إلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَلاَ أَعْلَمُهُ صَارَ إلَيْهِ@
الصفحة 59