كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِدِينَارٍ فَاشْتَرَاهُ وَازْدَادَ مَعَهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ , وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهُ ; لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ شَيْئًا بِدِينَارٍ فَلَمْ يَتَعَدَّ مَنْ زَادَهُ مَعَهُ غَيْرَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِاَلَّذِي رَضِيَ وَزَادَهُ شَيْئًا لاَ مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ , وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الدَّابَّةِ يَسْقُطُ الْكِرَاءُ حَيْثُ تَعَدَّى ; لِأَنَّهُ ضَامِنٌ , وَقَالَ فِي الْمُقَارَضِ إذَا تَعَدَّى ضَمِنَ وَكَانَ لَهُ الْفَضْلُ بِالضَّمَانِ , وَلاَ أَدْرِي أَقَالَ: يَتَصَدَّقُ بِهِ أَمْ لاَ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ فِي الَّذِي اشْتَرَى مَا أَمَرَهُ بِهِ وَغَيْرَهُ مَعَهُ لِلْآمِرِ مَا أَمَرَهُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلِلْمَأْمُورِ مَا بَقِيَ , وَلاَ يَكُونُ لِلْآمِرِ بِحَالٍ ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَجُعِلَ هَذَا الْقَوْلُ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ ثَبَّتَهُ أَصْلاً قَاسَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْبُيُوعِ وَالْمُقَارَضَةِ شَيْئًا أَحْسَبُهُ لَوْ جُمِعَ كَانَ دَفَاتِرَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: قَدْ زَعَمْنَا وَزَعَمْتُمْ أَنَّ الْأَصْلَ مِنْ الْعِلْمِ لاَ يَكُونُ أَبَدًا إلَّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ بَعْضِهِمْ , أَوْ أَمْرٍ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ عَوَامُّ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمْصَارِ فَهَلْ قَوْلُكُمْ هَذَا وَاحِدٌ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: لاَ قِيلَ: فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ ذَهَبْتُمْ فِيهِ؟ قَالَ: قَالَ شُرَيْحٌ فِي بَعْضِهِ قُلْنَا قَدْ رَدَدْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ وَأَكْثَرْنَا أَتَزْعُمُونَ أَنَّ شُرَيْحًا حُجَّةً عَلَى أَحَدٍ إنْ لَمْ يَقُلْهُ إلَّا شُرَيْحٌ؟ قَالَ: لاَ , وَقَدْ نُخَالِفُ شُرَيْحًا فِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِ بِآرَائِنَا: قُلْنَا , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ شُرَيْحٌ عِنْدَكُمْ حُجَّةً عَلَى الِانْفِرَادِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ؟ قَالَ: لاَ وَقَالَ: مَا دَلَّكُمْ عَلَى أَنَّ الْكِرَاءَ وَالرِّبْحَ وَالضَّمَانَ قَدْ يَجْتَمِعُ؟ فَقُلْنَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَبَرٌ كَانَ مَعْقُولاً وَقُلْنَا دَلَّنَا عَلَيْهِ الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْخَبَرُ عِنْدَكُمْ الَّذِي تُثْبِتُونَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ مَنْ ضُمِنَتْ لَهُ دَابَّتُهُ , أَوْ بَيْتُهُ , أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إجَارَةٌ , أَوْ مَالُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ شَيْءٌ كَانُوا قَدْ@
الصفحة 61