كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

أَكْثَرُوا خِلاَفَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَجُلاً لَوْ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ رَحًى , وَلاَ قَصَّارَةً , وَلاَ عَمَلَ الْحَدَّادِينَ ; لِأَنَّ هَذَا مُضِرٌّ بِالْبِنَاءِ فَإِنْ عَمِلَ هَذَا فَانْهَدَمَ الْبَيْتُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَةِ الْبَيْتِ , وَإِنْ سَلِمَ الْبَيْتُ فَلَهُ أَجْرُهُ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ تَكَارَى قَمِيصًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتَزِرَ بِهِ ; لِأَنَّ الْقَمِيصَ لاَ يُلْبَسُ هَكَذَا فَإِنْ فَعَلَ فَتَخَرَّقَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْقَمِيصِ , وَإِنْ سَلِّمْ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَوْ تَكَارَى قُبَّةً لِيُنَصِّبَهَا فَنَصَّبَهَا فِي شَمْسٍ , أَوْ مَطَرٍ , فَقَدْ تَعَدَّى لِإِضْرَارِ ذَلِكَ بِهَا فَإِنْ عَطِبَتْ ضَمِنَ , وَإِنْ سَلِمَتْ فَعَلَيْهِ أَجْرُهَا مَعَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ يُكْتَفَى بِأَقَلِّهَا حَتَّى يُسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا مَا قَالُوا وَدَخَلُوا فِيمَا عَابُوا مِمَّا مَضَتْ بِهِ الْآثَارُ وَمِمَّا فِيهِ صَلاَحُ النَّاسِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَمَّا مَا قَالُوا : الْحِيلَةُ يَسِيرَةٌ لِمَنْ لاَ يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يُعْطَى مَالاً قِرَاضًا فَيَغِيبَ بِهِ وَيَتَعَدَّى فِيهِ فَيَأْخُذَ فَضْلَهُ وَيَمْنَعَهُ رَبَّ الْمَالِ وَيَتَكَارَى دَابَّةً مِيلاً فَيَسِيرَ عَلَيْهَا أَشْهُرًا بِلاَ كِرَاءٍ , وَلاَ مُؤْنَةٍ إنْ سَلِمَتْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ : إنَّا لَنَعْلَمُ أَنْ قَدْ تَرَكْنَا قَوْلَنَا حَيْثُ أَلْزَمْنَا الضَّمَانَ وَالْكِرَاءَ , وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا قَوْلَنَا , قُلْنَا : إنْ كَانَ قَوْلُك عِنْدَك حَقًّا فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَدَعَهُ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ حَقٍّ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تُقِيمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ فَمَا الْأَحَادِيثُ الَّتِي عَلَيْهَا اعْتَمَدْتُمْ ؟ قُلْنَا لَهُمْ : أَمَّا أَحَادِيثُكُمْ , فَإِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ@

الصفحة 62