كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
سَيِّدِهَا إنَّك لَشَبِيهٌ أَنْ تُحِلَّ فَرْجَهَا أَوْ مِلْكَهَا وَإِنْ مَنَعْت فَرْجَهَا , أَوْ رَأَيْت إنْ جَعَلْت الْحَدِيثَ خَاصًّا وَأَخْرَجْتَهُ مِنْ الْعُمُومِ أَيَجُوزُ لَك فِيهِ أَنْ تَقُولَ فِيهِ بِالْخَاصِّ بِغَيْرِ دَلاَلَةٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ : فَأَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ عَلَى أَنَّ الْمُغِيرَةَ مَلَكَ مَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ فَأَسْلَمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَدِهِ لَمْ يُخَمِّسْهُ قَالَ : فَقُلْت لَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمُغِيرَةَ مُشْرِكُونَ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ حُكْمَ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ كَلَّمْنَاك عَلَى ذَلِكَ , قَالَ : مَا حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّهُ لَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا وَصَفْت , فَهَلْ تَجِدُ إنْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ { مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ } مَخْرَجًا صَحِيحًا لاَ يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ مِثْلُ مَا دَخَلَ هَذَا الْقَوْلُ ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْت لَهُ : نَعَمْ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ فَهُوَ لَهُ فَقَالَ هَذَا جُمْلَةٌ فَأَبِنْهُ فَقُلْت لَهُ : إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعَزَّ أَهْلَ دِينِهِ إلَّا بِحَقِّهَا فَهِيَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَمْنُوعَةً أَوْ أَقْوَى عَلَى مَنْعِهَا فَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ لَوْ قَهَرَ مُسْلِمًا عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ وَرِثَ عَنْ الْقَاهِرِ أَوْ غَلَبَهُ عَلَيْهِ مُتَأَوِّلٌ أَوْ لِصٌّ أَخَذَهُ الْمَقْهُورُ عَلَيْهِ بِأَصْلِ مِلْكِهِ الْأَوَّلِ وَكَانَ لاَ يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ بِغَصْبٍ فَالْكَافِرُ أَوْلَى أَنْ لاَ يَمْلِكَهُ بِغَصْبٍ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ أَنْفُسَ الْكَافِرِينَ الْمُحَارِبِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُونَ إنْ كَانُوا إذَا قَدَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ خَوْلاً لِأَهْلِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُمْ أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ دِينِ اللَّهِ شَيْئًا يُقْدَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَخَوِّلُ @
الصفحة 628