كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَعَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ طَالِبَانِ لاََنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ مُجَاهِدًا فِي الْحَالَيْنِ فَأَجَازَهُ إذَا بَلَغَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ وَرَدَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ مَعَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَغَيْرُهُمْ } فَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشَرَةَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ قَبْلَهَا فَلاَ جِهَادَ وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَسَوَاءٌ كَانَ جَسِيمًا شَدِيدًا مُقَارِبًا لَخَمْسَ عَشَرَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِكْمَالِهَا إلَّا يَوْمًا أَوْ ضَعِيفًا مُودِيًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِكْمَالِهَا سَنَةٌ أَوْ سَنَتَانِ لِأَنَّهُ لاَ يُحَدُّ عَلَى الْخَلْقِ إلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فَأَمَّا إدْخَالُ الْغَفْلَةِ مَعَهُمَا فَالْغَفْلَةُ مَرْدُودَةٌ إذَا لَمْ تَكُنْ خِلاَفَهُمَا فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ بِخِلاَفِهِمَا ؟
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى وَحَدُّ الْبُلُوغِ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ يُقْتَلُ بَالِغُهُمْ وَيُتْرَكُ غَيْرُ بَالِغِهِمْ أَنْ يُنْبِتُوا الشَّعْرَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي يُقْتَلُونَ فِيهَا مُدَافِعُونَ لِلْبُلُوغِ لِئَلَّا يُقْتَلُوا وَغَيْرُ مَشْهُودٍ عَلَيْهِمْ فَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الشِّرْكِ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ وَأَهْلُ الْإِسْلاَمِ يَشْهَدُونَ بِالْبُلُوغِ عَلَى مَنْ بَلَغَ فَيُصَدَّقُونَ بِالْبُلُوغِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ مِنْ خَبَرٍ سِوَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ قَتَلَ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبَى ذَرَارِيِّهِمْ فَكَانَ فِي سُنَّتِهِ أَنْ لاَ يُقْتَلَ إلَّا رَجُلٌ بَالِغٌ فَمَنْ كَانَ أَنْبَتَ قَتَلَهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَنْبَتَ سَبَاهُ فَإِذَا غَزَا الْبَالِغُ فَحَضَرَ الْقِتَالَ فَسَهْمُهُ ثَابِتٌ وَإِذَا حَضَرَ مَنْ دُونَ الْبُلُوغِ فَلاَ سَهْمَ لَهُ فَيُرْضَخُ لَهُ وَلِلْعَبْدِ , وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ يَحْضُرُونَ الْغَنِيمَةَ وَلاَ يُسْهَمُ لَهُمْ وَيُرْضَخُ أَيْضًا لِلْمُشْرِكِ يُقَاتِلُ مَعَهُمْ وَلاَ يُسْهَمُ لَهُ .@
الصفحة 640