كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَلاَ تَرَى إلَى عُمَرَ يَقُولُ " أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ كَمَا أَسْلَفَكُمَا ؟ " كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَرَى أَنَّ الْمَالَ لاَ يُحْمَلُ إلَيْهِ مَعَ رَجُلٍ يُسَلِّفُهُ فَيَبْتَاعُ وَيَبِيعُ إلَّا وَفِي ذَلِكَ حَبْسٌ لِلْمَالِ بِلاَ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَكَانَ عُمَرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ يَرَى أَنَّ الْمَالَ يُبْعَثُ بِهِ , أَوْ يُرْسَلُ بِهِ مَعَ ثِقَةٍ يُسْرِعُ بِهِ الْمَسِيرَ وَيَدْفَعُهُ عِنْدَ مَقْدِمِهِ لاَ حَبْسَ فِيهِ , وَلاَ مَنْفَعَةَ لِلرَّسُولِ , أَوْ يُدْفَعُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَجْتَازُ إلَيْهِ إلَى ثِقَةٍ يَضْمَنُهُ وَيَكْتُبُ كِتَابًا بِأَنْ يُدْفَعَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلِيفَةُ بِلاَ حَبْسٍ , أَوْ يُدْفَعَ قِرَاضًا فَيَكُونَ فِيهِ الْحَبْسُ بِلاَ ضَرَرٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَكُون فَضْلٌ إنْ كَانَ فِيهِ حَبْسٌ إنْ كَانَ لَهُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ , وَلَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلْوَالِي الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِمَا فَيُجِيزُ أَمْرَهُ فِيمَا يُمْلَكُ إلَيْهِ فِيمَا يَرَى أَنَّ الرِّبْحَ وَالْمَالَ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ " أَدِّيَاهُ وَرِبْحَهُ " فَلَمَّا رَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ جُلَسَائِهِ وَبَعْضُ جُلَسَائِهِ عِنْدَنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَجْعَلَهُ قِرَاضًا رَأَى أَنْ يَفْعَلَ وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ رَأَى أَنَّ الْوَالِيَ الْقَائِمُ بِهِ الْحَاكِمُ فِيهِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى عُمَرَ وَرَأَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُنَفِّذَ مَا صَنَعَ الْوَالِي مِمَّا يُوَافِقُ الْحُكْمَ فَلَمَّا كَانَ لَوْ دَفَعَهُ الْوَالِي قِرَاضًا كَانَ عَلَى عُمَرَ أَنْ يُنَفِّذَ الْحَبْسَ لَهُ وَالْعِوَضَ بِالْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي فَضْلِهِ رَدَّ مَا صَنَعَ الْوَالِي إلَى مَا يَجُوزُ مِمَّا لَوْ صَنَعَهُ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ , وَرَدَّ مِنْهُ فَضْلَ الرِّبْحِ الَّذِي لَمْ يَرَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمَا وَأَنْفَذَ لَهُمَا نِصْفَ الرِّبْحِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَدْ كَانَا ضَامِنَيْنِ لِلْمَالِ وَعَلَى الضَّمَانِ أَخَذَاهُ لَوْ هَلَكَ ضَمِنَاهُ , أَلاَ تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَرُدَّ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ لَوْ هَلَكَ أَوْ نَقَصَ كُنَّا لَهُ ضَامِنِينَ , وَلَمْ يَرُدَّهُ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ , وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكُمَا الرِّبْحُ بِالضَّمَانِ , بَلْ جَمَعَ عَلَيْهِمَا الضَّمَانَ@
الصفحة 65