كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
فَهُوَ لَهُ . وَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ جَائِزًا لِلْمُسْلِمِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمَ عَلَيْهِ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ لاَ ذِمَّةَ لَهُ فَإِنْ غَصَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَالاً أَوْ اسْتَرَقَّ مِنْهُمْ حُرًّا فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ مَوْقُوفًا حَتَّى أَسْلَمَ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ . وَكَذَلِكَ مَا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَأَسْلَمَ عَلَيْهَا فَهِيَ لَهُ , وَهُوَ إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَالْمُسْلِمِينَ يوجفون عَلَى أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَسْبُوهُمْ فَيَسْتَرِقُّوهُمْ وَيَغْنَمُوا أَمْوَالَهُمْ فيتمولونها إلَّا أَنَّهُ لاَ خُمُسَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَخَذَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَهُوَ لَهُ كُلُّهُ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مَالاً فَأَحْرَزَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فِي يَدَيْ مَنْ أَخَذَهُ كَانَ عَلَيْهِمْ رَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ بِلاَ قِيمَةٍ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ لاَ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ وَالدَّلاَلَةُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ دَلَّتْ السُّنَّةُ وَكَذَلِكَ يَدُلُّ الْعَقْلُ وَالْإِجْمَاعُ فِي مَوْضِعٍ وَإِنْ تَفَرَّقَ فِي آخَرَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْرَثَ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ وَدِيَارَهُمْ فَجَعَلَهَا غُنْمًا لَهُمْ وَخَوَلاً لِإِعْزَازِ أَهْلِ دِينِهِ وَإِذْلاَلِ مَنْ حَارَبَهُ سِوَى أَهْلِ دِينِهِ . وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ إذَا قَدَرُوا عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ تَخَوَّلُوهُمْ وَتَمَوَّلُوا أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ يَكُونُ أَهْلُ الْحَرْبِ يَحُوزُونَ عَلَى الْإِسْلاَمِ شَيْئًا فَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَتَخَوَّلُوهُ أَبَدًا , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَأَيْنَ السُّنَّةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَا ذَكَرْت ؟ قِيلَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ { أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسَرُوا امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَحْرَزُوا نَاقَةً لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْفَلَتَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ مِنْ الْإِسَارِ فَرَكِبَتْ نَاقَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرَادَتْ نَحْرَهَا حِينَ وَرَدَتْ الْمَدِينَةَ وَقَالَتْ : إنِّي نَذَرْت لَئِنْ أَنْجَانِي اللَّهُ عَلَيْهَا لاََنْحَرَنَّهَا فَمَنَعُوهَا حَتَّى يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوهُ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ @
الصفحة 656