كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ وَأَخَذَ نَاقَتَهُ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : فَلَوْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ إذَا أَحْرَزُوا شَيْئًا كَانَ لَهُمْ لاَ يَنْفِي أَنْ تَكُونَ النَّاقَةُ إلَّا لِلْأَنْصَارِيَّةِ كُلُّهَا لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْهَا عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَوْ يَكُونُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا وَتَكُونُ مَخْمُوسَةً وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَرَ لَهَا مِنْهَا شَيْئًا وَكَانَ يَرَاهَا عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ وَلاَ أَعْلَمُ أَحَدًا يُخَالِفُ فِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ إذَا أَحْرَزُوا عَبْدًا لِرَجُلٍ أَوْ مَالاً لَهُ فَأَدْرَكَهُ قَدْ أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِلاَ قِيمَةٍ . ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَمَا يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ مِثْلَ مَا قُلْت هُوَ أَحَقُّ بِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ صَارَ فِي سَهْمِهِ مِثْلَ قِيمَتِهِ مِنْ خُمُسُ الْخُمْسِ وَهُوَ سَهْمُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ . ثُمَّ قَالَ غَيْرُنَا : يَكُونُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ أَحَقَّ بِهِ إنْ شَاءَ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ : لاَ سَبِيلَ إلَيْهِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لِمَالِكِهِ بَعْدَ إحْرَازِ الْعَدُوِّ لَهُ وَإِحْرَازِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْعَدُوِّ لَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَسْمِ , وَإِذَا كَانُوا لَوْ أَحْرَزَهُ مُسْلِمُونَ مُتَأَوِّلِينَ أَوْ غَيْرَ مُتَأَوِّلِينَ فَقَدَرُوا عَلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ رَدُّوهُ عَلَى صَاحِبِهِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ , أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ أَوْلَى بِهِمْ وَمَا يَعْدُوا الْحَدِيثَ لَوْ كَانَ ثَابِتًا أَنْ يَكُونَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ فَيَكُونَ عَامًّا فَيَكُونُ مَالُ الْمُسْلِمِ وَالْمُشْرِكِ سَوَاءٌ إذَا أَحْرَزَهُ الْعَدُوُّ فَمَنْ قَالَ هَذَا لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لَوْ أَسْلَمُوا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِقُّوهُ أَوْ يَكُونَ خَاصًّا فَيَكُونَ كَمَا قُلْنَا بِالدَّلاَئِلِ الَّتِي وَصَفْنَا وَلَوْ كَانَ إحْرَازُ الْمُشْرِكِينَ لِمَا أَحْرَزُوا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ يَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُمْ لَوْ أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مَا جَازَ إذَا مَا أَحْرَزَ الْمُسْلِمُونَ مَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَالِكُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِقِيمَةٍ وَلاَ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلاَ بَعْدَهُ وَكَمَا لاَ يَجُوزُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ@
الصفحة 657