كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

وَلَكِنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْهُمْ فِي أَمَانٍ فَهُمْ مِنْهُ فِي مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَهُ فِي أَمَانِهِمْ إلَّا مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْمَالَ مَمْنُوعٌ بِوُجُوهٍ أَوَّلُهَا إسْلاَمُ صَاحِبِهِ وَالثَّانِي مَالُ مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ وَالثَّالِثُ مَالُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ إلَى مُدَّةِ أَمَانِهِ وَهُوَ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا يُمْنَعُ مِنْ مَالِهِ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ .
الذِّمِّيَّةُ تُسْلِمُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا أَسْلَمَتْ الذِّمِّيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ حَامِلاً كَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ فَلَهَا أَجْرُ الرَّضَاعِ وَهِيَ كَالْمَبْتُوتَةِ الْمُسْلِمَةِ الْحَامِلِ أَوْ أَوْلَى بِالنَّفَقَةِ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَدٌ فَأَيُّ الْأَبَوَيْنِ أَسْلَمَ فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِلْمُسْلِمِ يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَيُورَثُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيَرِثُهُ الْمُسْلِمُ وَإِنْ كَانَ الْأَبَوَانِ مَمْلُوكَيْنِ لِمُشْرِكٍ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا تَبِعَ الْمُسْلِمَ الْوَلَدَانِ اللَّذَانِ لَمْ يَبْلُغُوا لِأَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْإِسْلاَمِ لاَ يَجُوزُ عِنْدِي إلَّا هَذَا الْقَوْلُ مَا كَانَ الْأَوْلاَدُ صِغَارًا وَكَانُوا تَبَعًا لِغَيْرِهِمْ لاَ يُشْرَكُ دِينُ الْإِسْلاَمِ وَغَيْرُهُ فِي دِينٍ إلَّا كَانَ الْإِسْلاَمُ أَوْلَى بِهِ أَوْ قَوْلُ ثَانٍ أَنَّهُمْ إذَا وُلِدُوا عَلَى الشِّرْكِ كَانُوا عَلَيْهِ حَتَّى يُعْرِبُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَلَوْ أَسْلَمَ أَبُوهُمْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُكْمَ مُسْلِمٍ وَلَسْت أَقُولُ هَذَا وَلاَ أَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ الْوَلَدُ لِلْأَبِ حَظُّ الْأُمِّ مِنْهُ وَلَوْ اتَّبَعَ الْأُمَّ دُونَ الْأَبِ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ وَالرِّقِّ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَغْلَطَ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقَالَ هُوَ لِلْأَبِ وَإِنْ كَانَ الدِّينُ لَيْسَ مِنْ مَعْنَى الرِّقِّ وَلَكِنَّهُ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت مِنْ أَنَّ الْإِسْلاَمَ إذَا شَارَكَ غَيْرَهُ فِي الدِّينِ وَالْمِلْكِ كَانَ الْإِسْلاَمُ أَوْلَى@

الصفحة 659