كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَأَخَذَ مِنْهُمَا بَعْضَ الرِّبْحِ , فَقَالَ قَائِلٌ : فَلَعَلَّ عُمَرُ اسْتَطَابَ أَنْفُسَهُمَا , قُلْنَا : أَوَمَا فِي الْحَدِيثِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ عَلَيْهِمَا , أَلاَ تَرَى أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ رَاجَعَهُ قَالَ : فَلِمَ أَخَذَ نِصْفَ الرِّبْحِ , وَلَمْ يَأْخُذْهُ كُلَّهُ ؟ قُلْنَا : حَكَمَ فِيهِ بِأَنْ أَجَازَ مِنْهُ مَا كَانَ يَجُوزُ عَلَى الِابْتِدَاءِ ; لِأَنَّ الْوَالِيَ لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا عَلَى الْمُقَارَضَةِ جَازَ , فَلَمَّا رَأَى وَمَنْ حَضَرَهُ أَنَّ أَخْذَهُمَا الْمَالَ غَيْرُ تَعَدٍّ مِنْهُمَا وَأَنَّهُمَا أَخَذَاهُ مِنْ وَالٍ لَهُ فَكَانَا يَرَيَانِ وَالْوَالِي أَنَّ مَا صَنَعَ جَائِزٌ فَلَمْ يَزْعُمْ وَمَنْ حَضَرَهُ مَا صَنَعَ يَجُوزُ إلَّا بِمَعْنَى الْقِرَاضِ أَنْفَذَ فِيهِ الْقِرَاضَ ; لِأَنَّهُ كَانَ نَافِذًا لَوْ فَعَلَهُ الْوَالِي , أَوْ لاَ وَرَدَّ فِيهِ الْفَضْلَ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ , وَلَمْ يَرَهُ يَنْفُذُ لَهُمَا بِلاَ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ . ( أَخْبَرَنَا ) عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رِيَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ : بَعَثَ رَجُلٌ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ فَابْتَاعَ بِهَا الْمَبْعُوثُ مَعَهُ بَعِيرًا ثُمَّ بَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : الْأَحَدَ عَشَرَ لِصَاحِبِ الْمَالِ , وَلَوْ حَدَثَ بِالْبَعِيرِ حَدَثٌ كُنْت لَهُ ضَامِنًا . ( أَخْبَرَنَا ) الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلَ مَعْنَاهُ ( قَالَ : الشَّافِعِيُّ ) وَابْنُ عُمَرَ يَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْبِضَاعَةِ لِغَيْرِهِ الضَّمَانَ وَيَرَى الرِّبْحَ لِصَاحِبِ الْبِضَاعَةِ , وَلاَ يَجْعَلُ الرِّبْحَ لِمَنْ ضَمِنَ إذَا الْمُبْضَعُ مَعَهُ تَعَدَّى فِي مَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَاَلَّذِي يُخَالِفُنَا فِي هَذَا يَجْعَلُ لَهُ الرِّبْحَ , وَلاَ أَدْرِي أَيَأْمُرُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ أَمْ لاَ ؟ وَلَيْسَ مَعَهُ خَبَرٌ إلَّا تَوَهُّمٌ عَنْ شُرَيْحٍ وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَقَاوِيلَ الَّتِي تَلْزَمُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , أَوْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلِمَ يَخْتَلِفُوا وَقَوْلُهُمْ هَذَا لَيْسَ دَاخِلاً فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُ عِنْدَنَا , وَعِنْدَهُمْ .@
الصفحة 66