كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
نِكَاحُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَائِرَ الْمُؤْمِنَاتِ وَاسْتَثْنَى فِي إمَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يُحَلِّلَهُنَّ بِأَنْ يَجْمَعَ نَاكِحُهُنَّ أَنْ لاَ يَجِدَ طَوْلاً لِحُرَّةٍ وَأَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ فِي تَرْكِ نِكَاحِهِنَّ فَزَعَمْنَا أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ حَتَّى يَجْمَعَ نَاكِحُهَا الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ أَبَاحَ اللَّهُ نِكَاحَهَا بِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مُبَاحًا بِشَرْطِ أَنْ يُبَاحَ بِهِ فَلاَ يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَيِّتَةِ تُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ وَلاَ تُبَاحُ لِغَيْرِهِ وَفِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ يُبَاحُ لِمَنْ لَبِسَهُمَا كَامِلَ الطَّهَارَةِ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَلاَ يُبَاحُ لِغَيْرِهِ وَفِي صَلاَةِ الْخَوْفِ يُبَاحُ لِلْخَائِفِ أَنْ يُخَالِفَ بِهَا الصَّلَوَاتِ مِنْ غَيْرِ الْخَوْفِ وَلاَ تُبَاحُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } فَأَطْلَقَ التَّحْرِيمُ تَحْرِيمًا بِأَمْرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الشِّرْكِ قَالَ { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْهُنَّ الْحَرَائِرُ فَأَطْلَقْنَا مَنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ إحْلاَلَهُ وَهُنَّ الْحَرَائِرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْحَرَائِرُ غَيْرُ الْإِمَاءِ كَمَا قُلْنَا لاَ يَحِلُّ نِكَاحُ مُشْرِكَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ وَقَالَ غَيْرُنَا كَذَلِكَ كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ حُرَّةٍ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ حُرَّةً كِتَابِيَّةً فَإِذَا كَانَ نِكَاحُ إمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مَمْنُوعًا إلَّا بِشَرْطَيْنِ كَانَ فِيهِ الدَّلاَلَةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نِكَاحُ غَيْرِ إمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الدَّلاَلَةِ الْأُولَى فَإِمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ مُحَرَّمَاتٌ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي دَلاَلَةِ الْقُرْآنِ , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
إيلاَءُ النَّصْرَانِيِّ وَظِهَارُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِذَا آلَى النَّصْرَانِيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ فَتَحَاكَمَا إلَيْنَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَكَمْنَا عَلَيْهِ حُكْمَنَا عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَنَأْمُرُهُ إذَا فَاءَ بِالْكَفَّارَةِ وَلاَ نُجْبِرُهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لاَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِالشِّرْكِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ فَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَرَافَعَتْهُ وَرَضِيَا @
الصفحة 661