كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

رَجَعَا فَأَسْلَمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَلَمْ يُسْلِمْ صَفْوَانُ حَتَّى شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نِكَاحِهِمَا وَذَلِكَ أَنَّ عِدَّتَهُمَا لَمْ تَنْقَضِ وَفِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ قَبْلَ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ يُسْلِمُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا فَزَعَمَ فِي الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ قَبْلَ الرَّجُلِ مَا زَعَمْنَا وَزَعَمَ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ خِلاَفَ مَا زَعَمْنَا وَأَنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَقَارَبَ إسْلاَمُهُ وَهَذَا خِلاَفُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْمَرْأَةُ تُسْلِمُ قَبْلَ الرَّجُلِ قَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لاَ تَحِلُّ لِمُشْرِكٍ بِحَالٍ وَالْمَرْأَةُ الْمُشْرِكَةُ قَدْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ بِحَالٍ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ كِتَابِيَّةً فَشَدَّدَ فِي الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُهَوِّنَ فِيهِ وَهَوَّنَ فِي الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُشَدِّدَ فِيهِ لَوْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ: مَا السُّنَّةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْت دُونَ مَا قَالَ؟ فَمَا وَصَفْنَا قَبْلَ هَذَا وَإِنْ قَالَ فَمَا الْكِتَابُ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ? فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فَلاَ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الآيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِلاَفُ الدِّينَيْنِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ سَاعَةَ اخْتَلَفَا أَوْ يَكُونَ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ بَيْنَهُمَا اخْتِلاَفُ الدِّينَيْنِ وَالثُّبُوتُ عَلَى الِاخْتِلاَفِ إلَى مُدَّةٍ وَالْمُدَّةُ لاَ تَجُوزُ إلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَا وَصَفْنَا وَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ قَبْلَ زَوْجِهَا وَالْمُسْلِمِ قَبْلَ امْرَأَتِهِ فَحَكَمَ فِيهِمَا حُكْمًا وَاحِدًا فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؟ وَجَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ {: لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ? وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فَهِيَ كَالآيَةِ قَبْلَهَا لاَ تَعْدُو أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ سَاعَةَ يُسْلِمُ قَبْلَ امْرَأَتِهِ تَنْقَطِعُ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَهِيَ كَافِرَةٌ أَوْ لاَ تَكُونَ الْعِصْمَةُ تَنْقَطِعُ بَيْنَهُمَا إلَّا إلَى مُدَّةٍ فَقَدْ دَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمُدَّةِ وَقَوْلُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ لاَ قَطْعَ لِلْعِصْمَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا بِالْإِسْلاَمِ حِينَ كَانَ مُتَأَوِّلاً فَكَانَ وَإِنْ خَالَفَ قَوْلُهُ السُّنَّةَ قَدْ ذَهَبَ إلَى مَا تَأَوَّلَ وَلاَ جَعَلَ لَهُمَا الْمُدَّةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا السُّنَّةُ بَلْ خَرَجَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَأَحْدَثَ مُدَّةً لاَ يَعْرِفُهَا@

الصفحة 666