كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ وَعُتَيْبَةَ بْنَ بَدْرٍ فَإِنَّهُمَا أَبَيَا لِيُعَيِّرَا هَوَازِنَ فَلَمْ يُكْرِهْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَا هُمَا تَرَكَا بَعْدُ بِأَنْ خُدِعَ عُتَيْبَةَ عَنْ حَقِّهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَقَّ مَنْ طَابَ نَفْسًا عَنْ حَقِّهِ } وَهَذَا أَوْلَى الْأُمُورِ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَعَالَى عِنْدَنَا فِي السَّوَادِ وَفُتُوحِهِ إنْ كَانَتْ عَنْوَةً فَهُوَ كَمَا وَصَفْت ظَنَّ عَلَيْهِ دَلاَلَةَ يَقِينٍ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا أَنْ نَجْعَلَهُ بِالدَّلاَلَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ تَنَاقُضٌ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَسَمَ إلَّا عَنْ أَمْرِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنه لِكِبَرِ قَدْرِهِ وَلَوْ تَفَوَّتَ عَلَيْهِ فِيهِ مَا انْبَغَى أَنْ يَغِيبَ عَنْهُ قَسْمُهُ ثَلاَثَ سِنِينَ وَلَوْ كَانَ الْقَسْمُ لَيْسَ لِمَنْ قَسَمَ لَهُ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْهُ عِوَضٌ وَلَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ الْغَلَّةُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ حَدِيثًا يُثْبِتُ إنَّمَا أَجِدُهَا مُتَنَاقِضَةً وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِعُمَرَ عِنْدِي الَّذِي وَصَفْت فَكُلُّ بَلَدٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَأَرْضُهَا وَدَارُهَا كَدَنَانِيرِهَا وَدَرَاهِمِهَا وَهَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي خَيْبَرَ وَبَنِي قُرَيْظَةَ فَلِمَنْ أَوْجَفَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ وَالْخُمْسُ لِأَهْلِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَمَنْ طَابَ نَفْسًا عَنْ حَقِّهِ فَجَائِزٌ لِلْإِمَامِ حَلاَلٌ نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْعَلَهُ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ تُقْسَمُ غَلَّتُهُ فِيهِمْ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ وَالصَّدَقَةِ وَحَيْثُ يَرَى الْإِمَامُ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَطِبْ عَنْهُ نَفْسًا فَهُوَ أَحَقُّ بِحَقِّهِ وَأَيُّمَا أَرْضٍ فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنَّ أَرْضَهَا لِأَهْلِهَا وَيُؤَدُّونَ عَنْهَا خَرَاجًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهَا مِنْ أَيْدِي أَهْلِهَا وَعَلَيْهِمْ فِيهَا الْخَرَاجُ وَمَا أُخِذَ مِنْ خَرَاجِهَا فَهُوَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ دُونَ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ لِأَنَّهُ فَيْءٌ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مُشْرِكٍ فَقَدْ مَلَكَ الْمُسْلِمُونَ رَقَبَةَ الْأَرْضِ فِيهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ أَنْ يَأْخُذَهُ صَاحِبُ صَدَقَةٍ وَلاَ صَاحِبُ فَيْءٍ وَلاَ غَنِيٌّ وَلاَ فَقِيرٌ لِأَنَّهُ كَالصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ يَأْخُذُهَا مَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْحًا فَإِنَّهَا لِأَهْلِهَا @

الصفحة 688