كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ بِكِرَاءٍ وَيَزْرَعُونَهَا كَمَا نَسْتَأْجِرُ مِنْهُمْ إبِلَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ وَرَقِيقَهُمْ وَمَا يَجُوزُ لَهُمْ إجَارَتُهُ مِنْهُمْ وَمَا دُفِعَ إلَيْهِمْ أَوْ إلَى السُّلْطَانِ بِوَكَالَتِهِمْ فَلَيْسَ بِصَغَارٍ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { لاَ يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُؤَدِّيَ خَرَاجًا وَلاَ لِمُشْرِكٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } إنَّمَا هُوَ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ وَلَوْ كَانَ خَرَاجُ الْكِرَاءِ مَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَكَارَى مِنْ مُسْلِمٍ وَلاَ كَافِرٍ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ خَرَاجُ الْجِزْيَةِ وَخَرَاجُ الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ كِرَاءٌ لاَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ فَأَعْتَقَهُ وَهُوَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمٍ فَأَعْتَقَهُ الْمُسْلِمُ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ إنَّمَا نَأْخُذُ الْجِزْيَةَ بِالدَّيْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَلاَ يَنْفَعُهُ أَنْ يَكُونَ مَوْلاَهُ مُسْلِمًا كَمَا لاَ يَنْفَعُهُ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ مُسْلِمَيْنِ .
فِي الذِّمِّيِّ إذَا اتَّجَرَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : إذَا اتَّجَرَ الذِّمِّيُّ فِي بِلاَدِ الْإِسْلاَمِ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ فِي السَّنَةِ مِرَارًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا لاَ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله تعالى أَنَّهُ أَمَرَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَقْتَهُ وَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ لَهُمْ بَرَاءَةٌ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْحَوْلِ وَلَوْلاَ أَنَّ عُمَرَ أَخَذَهُ مِنْهُمْ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ فَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ إيَّاهُ مِنْهُمْ عَلَى أَصْلِ صُلْحٍ @
الصفحة 689