كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
مُسْتَلْقِيًا , وَإِنْ انْكَسَرَ الْمَحِلُّ , أَوْ الظِّلُّ أُبْدِلَ مَحْمَلاً مِثْلَهُ , أَوْ ظِلًّا مِثْلَهُ , وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزَّادِ الَّذِي يَنْفَدُ بَعْضُهُ فَقَالَ صَاحِبُ الزَّادِ أُبْدِلُهُ بِوَزْنِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُبْدِلَ لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْوَزْنُ , قَالَ : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْدِلَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَنَّ الزَّادَ يَنْقُصُ قَلِيلاً , وَلاَ يُبْدَلُ مَكَانَهُ كَانَ مَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ مَذَاهِبِ النَّاسِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالدَّوَابُّ فِي هَذَا مِثْلُ الْإِبِلِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسِيرِ سَارَ كَمَا يَسِيرُ النَّاسُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ لاَ مُتْعِبًا , وَلاَ مُقَصِّرًا كَمَا يَسِيرُ الْأَكْثَرُ مِنْ النَّاسِ وَيُعْرَفُ خِلاَفُ الضَّرَرِ بِالْمُكْتَرِي لِلدَّابَّةِ وَالْمُكْرَى فَإِنْ كَانَتْ صَعْبَةً نَظَرَا فَإِنْ كَانَتْ صُعُوبَتُهَا مُشَابَهَةً صُعُوبَةَ عَوَامِّ الدَّوَابِّ , أَوْ تُقَارِبُهَا لَزِمَتْ الْمُكْتَرِيَ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا مَخُوفًا فَإِنْ تَكَارَاهَا بِعَيْنِهَا , وَلَمْ يَعْلَمْ تَنَاقَضَا الْكِرَاءَ إنْ شَاءَ الْمُكْتَرِي , وَإِنْ تَكَارَى مَرْكَبًا فَعَلَى الْمُكْرِي الدَّابَّةَ لَهُ غَيْرُهَا مِمَّا لاَ يُبَايِنُ دَوَابَّ النَّاسِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَعَلَفُ الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ عَلَى الْجَمَّالِ أَوْ مَالِكِ الدَّوَابِّ فَإِنْ تَغَيَّبَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَعَلَفَ الْمُكْتَرِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ إلَّا أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ , وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلاً مِنْ أَهْل الرُّفْقَةِ بِأَنْ يَعْلِفَ وَيَحْسِبَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْإِبِلِ , وَإِنْ ضَاقَ ذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ غَيْرُ الرَّاكِبِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : يَأْمُرُ الرَّاكِبَ أَنْ يَعْلِفَ ; لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ الرُّكُوبَ وَالرُّكُوبُ لاَ يَصْلُحُ إلَّا بِعَلَفٍ وَيَحْسِبُ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ , وَهَذَا مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ وَلاَ يُوجَدُ فِيهِ إلَّا هَذَا ; لِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ الْعَلَفِ وَإِلَّا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ , وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمُكْتَرِي الرُّكُوبَ كَانَ مَذْهَبًا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَفِي هَذَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَكُونُ أَمِينَ نَفْسِهِ وَإِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إنْ قَالَ : لَمْ يَعْلِفْهَا إلَّا بِكَذَا وَقَالَ الْأَمِينُ عَلَفْتهَا بِكَذَا لِأَكْثَرَ فَإِنْ قَبِلَ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ فِي مَالِهِ سَقَطَ كَثِيرٌ مِنْ حَقِّ الْعَالِفِ , وَإِنْ قِيلَ : قَوْلُ الْمُكْتَرِي الْعَالِفِ كَانَ الْقَوْلُ@
الصفحة 70