كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
الَّذِي أَدَانَهُ مُسْتَأْمَنًا قَضَيْت عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ كَمَا أَقْضِي بِهِ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْإِسْلاَمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ عَلَى الْمُسْلِمِ حَيْثُ كَانَ لاَ نُزِيلُ الْحَقَّ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ كَمَا لاَ تَزُولُ عَنْهُ الصَّلاَةُ أَنْ يَكُونَ بِدَارِ الشِّرْكِ فَإِنْ قَالَ رَجُلٌ : الصَّلاَةُ فَرْضٌ فَكَذَلِكَ أَدَاءُ الدَّيْنِ فَرْضٌ وَلَوْ كَانَ الْمُتَدَايِنَانِ حَرْبِيَّيْنِ فَاسْتَأْمَنَّا ثُمَّ تُطَالَبَا ذَلِكَ الدَّيْنَ فَإِنْ رَضِيَا حُكْمَنَا فَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نَقْضِيَ لَهُمَا بِالدَّيْنِ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ حَلاَلٍ فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ مِنْ حَلاَلٍ قَضَيْنَا لَهُمَا بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ حَلاَلٍ قَضَيْنَا لَهُمَا بِهِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقِرًّا لِصَاحِبِهِ بِالْحَقِّ لاَ غَاصِبَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ غَصَبَهُ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ أُتْبِعْهُ بِشَيْءٍ لِأَنِّي أُهْدِرُ عَنْهُمْ مَا تغاصبوا بِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا دَلَّ عَلَى أَنَّك تَقْضِي لَهُ بِهِ إذَا لَمْ يَغْصِبْهُ ؟ قِيلَ لَهُ : أَبَى أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَقَالَ فِي سِيَاقِ الآيَةِ { وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ } فَلَمْ يُبْطِلْ عَنْهُمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ إذَا لَمْ يَتَقَابَضُوا وَقَدْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِهَا وَمُسْتَيْقِنِينَ فِي الْفَضْلِ فِيهَا فَأَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَهُمْ مَا أَصَابُوا مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ لاَ عَلَى وَجْهِ الْإِقْرَارِ بِهِ@
الصفحة 708