كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
عَلَى الشَّيْءِ يَصْنَعُهُ ; لِأَنَّ عُمَرَ إنْ كَانَ ضَمَّنَ الصُّنَّاعَ فَلَيْسَ فِي تَضْمِينِهِ لَهُمْ مَعْنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمَّنَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَخَذُوا أَجْرًا عَلَى مَا ضَمِنُوا فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَخَذَ أَجْرًا فَهُوَ فِي مَعْنَاهُمْ , وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه ضَمَّنَ الْقَصَّارَ وَالصَّائِغَ فَكَذَلِكَ كُلُّ صَانِعٍ وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ أُجْرَةً , وَقَدْ يُقَالُ لِلرَّاعِي صِنَاعَتُهُ الرَّعِيَّةُ وَلِلْحَمَّالِ صِنَاعَتُهُ الْحَمْلُ لِلنَّاسِ , وَلَكِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مَا قُلْت أَوَّلاً مِنْ التَّضْمِينِ , أَوْ تَرْكِ التَّضْمِينِ , وَمَنْ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ بِكُلِّ حَالٍ فَكَانَ مَعَ الْأَجِيرِ مَا قُلْت مِثْلَ أَنْ يَسْتَحْمِلَهُ الشَّيْءَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ الشَّيْءَ فِي بَيْتِهِ , أَوْ غَيْرِ بَيْتِهِ , وَهُوَ حَاضِرٌ لِمَالِهِ , أَوْ وَكِيلٌ لَهُ بِحِفْظِهِ فَتَلِفَ مَالُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ بِهِ إذَا لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جَانٍ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الصَّانِعِ , وَلاَ عَلَى الْأَجِيرِ . وَكَذَلِكَ إنْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي , وَلَوْ غَابَ عَنْهُ , أَوْ تَرَكَهُ يَغِيبُ عَلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ مَا تَلِفَ , وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فَعَمِلَ فِيهِ عَمَلاً فَتَلِفَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ الْأَجِيرُ هَكَذَا يَعْمَلُ هَذَا فَلَمْ أَتَعَدَّ بِالْعَمَلِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ هَكَذَا يَعْمَلُ , وَقَدْ تَعَدَّيْت وَبَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ , أَوْ لاَ بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ سُئِلَ عَدْلاَنِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الصِّنَاعَةِ , فَإِنْ قَالاَ هَكَذَا يَعْمَلُ هَذَا فَلاَ يَضْمَنُ , وَإِنْ قَالاَ هَذَا تَعَدَّى فِي عَمَلِ هَذَا ضَمِنَ كَانَ التَّعَدِّي مَا كَانَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ , وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ , وَإِذَا سَمِعْتَنِي أَقُولُ : الْقَوْلُ قَوْلُ أَحَدٍ فَلَسْت أَقُولُهُ إلَّا عَلَى مَعْنَى مَا يُعْرَفُ إذَا ادَّعَى الَّذِي جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ مَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالاَتِ جَعَلْت الْقَوْلَ قَوْلَهُ , وَإِذَا ادَّعَى مَا لاَ يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنْ الْحَالاَتِ لَمْ أَجْعَلْ الْقَوْلَ قَوْلَهُ . وَمَنْ ضَمَّنَ الصَّانِعَ فِيمَا يَغِيبُ عَلَيْهِ فَجَنَى جَانٍ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ فَأَتْلَفَهُ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ عَلَى السَّلاَمَةِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ رَجَعَ بِهِ الصَّانِعُ عَلَى الْجَانِي , أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي@
الصفحة 74