كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
إحْيَاءُ الْمَوَاتِ ( أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ) قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ : وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْكِتَابَ مِنْهُ , وَإِنَّمَا أَقْرَأهُ عَلَى مَعْرِفَةِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كَلاَمِهِ قَالَ : وَبِلاَدُ الْمُسْلِمِينَ شَيْئَانِ عَامِرٌ وَمَوَاتٌ فَالْعَامِرُ لِأَهْلِهِ وَكُلُّ مَا صَلُحَ بِهِ الْعَامِرُ إنْ كَانَ مُرْفَقًا لِأَهْلِهِ مِنْ طَرِيقٍ وَفِنَاءٍ وَمَسِيلِ مَاءٍ , أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ كَالْعَامِرِ فِي أَنْ لاَ يَمْلِكَهُ عَلَى أَهْلِ الْعَامِرِ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَالْمَوَاتُ شَيْئَانِ مَوَاتٌ قَدْ كَانَ عَامِرًا لِأَهْلٍ مَعْرُوفِينَ فِي الْإِسْلاَمِ ثُمَّ ذَهَبَتْ عِمَارَتُهُ فَصَارَ مَوَاتًا لاَ عِمَارَةَ فِيهِ فَذَلِكَ لِأَهْلِهِ كَالْعَامِرِ لاَ يَمْلِكُهُ أَحَدٌ أَبَدًا إلَّا عَنْ أَهْلِهِ , وَكَذَلِكَ مَرَافِقُهُ وَطَرِيقُهُ وَأَفْنَيْته وَمَسَايِلُ مَائِهِ وَمَشَارِبُهُ . وَالْمَوَاتُ الثَّانِي مَا لَمْ يَمْلِكْهُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلاَمِ بِعُرْفٍ , وَلاَ عِمَارَةٍ , مُلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , أَوْ لَمْ يُمْلَكْ فَذَلِكَ الْمَوَاتُ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - { مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ لَهُ } وَالْمَوَاتُ الَّذِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْطَعَهُ مَنْ يُعَمِّرُهُ خَاصَّةً وَأَنْ يَحْمِيَ مِنْهُ مَا رَأَى أَنْ يَحْمِيَهُ عَامًّا لِمَنَافِع الْمُسْلِمِينَ وَسَوَاءٌ كُلُّ مَوَاتٍ لاَ مَالِكَ لَهُ إنْ كَانَ إلَى جَنْبِ قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ عَامِرَةٍ , وَفِي وَادٍ عَامِرٍ بِأَهْلِهِ وَبَادِيَةٍ عَامِرَةٍ بِأَهْلِهَا وَقُرْبِ نَهْرٍ عَامِرٍ , أَوْ صَحْرَاءَ أَوْ أَيْنَ كَانَ لاَ فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ , قَالَ وَسَوَاءٌ مَنْ أَقْطَعَهُ الْخَلِيفَةُ أَوْ الْوَالِي , أَوْ حَمَاهُ هُوَ بِلاَ قَطْعٍ مِنْ أَحَدٍ مَوَاتًا لاَ مَالِكَ لَهُ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ أَحْيَاءٌ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمْ .
مَا يَكُونُ إحْيَاءً
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى : وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِحْيَاءُ مَا عَرَفَهُ النَّاسُ إحْيَاءً لِمِثْلِ الْمَحْيَا إنْ كَانَ مَسْكَنًا فَأَنْ يُبْنَى بِمِثْلِ مَا يُبْنَى بِهِ مِثْلُهُ مِنْ بُنْيَانٍ حَجَرٍ , أَوْ لَبِنٍ , أَوْ مَدَرٍ يَكُونُ@
الصفحة 77