كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)

مِنْهَا أَنَّهُ كَالْبِئْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمَاءِ الْمُعَدِّ فَلاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ الْعَمَلَ فِيهِ , وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ يَعْمَلُ فِيهِ , فَإِذَا اسْتَبَقُوا إلَيْهِ فَإِنْ وَسِعَهُمْ عَمِلُوا مَعًا , وَإِنْ ضَاقَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَبْدَأُ ثُمَّ يَتْبَعُ الْآخَرُ فَالْآخَرُ حَتَّى يَتَوَاسَوْا فِيهِ . وَالثَّانِي : أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْطَعَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ يَعْمَلُ فِيهِ مَنْ أَقْطَعَهُ , وَلاَ يَمْلِكُهُ مِلْكَ الْأَرْضِ , فَإِذَا تَرَكَهُ عَمِلَ فِيهِ غَيْرُهُ . وَالثَّالِثُ : يَقْطَعُهُ فَيَمْلِكُهُ مِلْكَ الْأَرْضِ إذَا أَحْدَثَ فِيهِ عِمَارَةً وَكُلُّ مَا وَصَفْت مِنْ إحْيَاءِ الْمَوْتِ وَإِقْطَاعِ الْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّمَا أَعْنِي فِي عَفْوِ بِلاَدِ الْعَرَبِ الَّذِي عَامِرُهُ عُشْرٌ وَعَفْوُهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ قَالَ : وَكُلُّ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ عَنْوَةً مِنْ بِلاَدِ الْعَجَمِ فَعَامِرُهُ كُلُّهُ لِمَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِأَهْلِ الْخُمْسِ سَهْمٌ وَأَرْبَعَةٌ لِمَنْ أَوْجَفَ عَلَيْهِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قَسْمَ الْمِيرَاثِ وَمَا مَلَكُوا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَمَا كَانَ فِي قَسْمِ أَحَدِهِمْ مِنْ مَعْدِنٍ فَهُوَ لَهُ كَمَا يَظْهَرُ الْمَعْدِنُ فِي دَارِ الرَّجُلِ فَيَكُونُ لَهُ وَيَظْهَرُ بِئْرُ الْمَاءِ فَيَكُونُ لَهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَعْدِنٌ ظَاهِرٌ فَوَقَعَ فِي قَسَمِ رَجُلٍ بِقِيمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ كَمَا يَقَعُ فِي قَسْمِهِ الْعِمَارَةُ بِقِيمَةٍ فَتَكُونُ لَهُ وَكُلُّ مَا كَانَ فِي بِلاَدِ الْعَنْوَةِ مِمَّا عُمِّرَ مَرَّةً ثُمَّ تُرِكَ فَهُوَ كَالْعَامِرِ الْقَائِمِ الْعِمَارَةِ وَذَلِكَ مَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَنْهَارُ وَعُمِّرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى نُطَفِ السَّمَاءِ وَبِالرِّشَاءِ وَكُلِّ مَا كَانَ لَمْ يُعَمَّرْ قَطُّ مِنْ بِلاَدِهِمْ , وَكَانَ مَوَاتًا فَهُوَ كَالْمَوَاتِ مِنْ بِلاَدِ الْعَرَبِ لاَ يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُقْطِعَ مِنْهُ أَقْطَعَ مِمَّنْ أَوْجَفَ , أَوْ لَمْ يُوجِفْ هُمْ سَوَاءٌ فِيهِ لاَ تَخْتَلِفُ حَالاَتُهُمْ فِيمَا أَحْيَوْا وَأَرَادُوا مِنْ الْإِقْطَاعِ , قَالَ : وَمَا كَانَ مِنْ بِلاَدِ الْعَجَمِ صُلْحًا فَانْظُرْ مَالِكَهُ فَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ مَالِكِيهِ فَهُوَ لَهُمْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَعْدِنًا , وَلاَ غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَعَلَيْهِمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ .@

الصفحة 85