كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 5)
( أَخْبَرَنَا ) عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ هُنَيٌّ عَلَى الْحِمَى فَقَالَ لَهُ يَا هُنَيُّ ضُمَّ جَنَاحَك لِلنَّاسِ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ , فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ وَأَدْخِلْ رَبَّ الصَّرِيمَةِ وَرَبَّ الْغَنِيمَةِ وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَفَّانَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ فَإِنَّهُمَا إنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ , وَإِنَّ رَبَّ الْغَنِيمَةِ وَالصَّرِيمَةِ يَأْتِي بِعِيَالِهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا لاَ أَبَا لَك فَالْمَاءُ وَالْكَلاَُ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَاَيْمُ اللَّهِ لَعَلَى ذَلِكَ إنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ إنَّهَا لِبِلاَدِهِمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلاَمِ , وَلَوْلاَ الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا " .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ " إنَّهُمْ يَرَوْنِي أَنِّي قَدْ ظَلَمْتُهُمْ إنَّهَا لَبِلاَدُهُمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَأَسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلاَمِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ إنْ مَنَعْت لِأَحَدٍ مِنْ أَحَدٍ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا وَأَسْلَمَ أَوْلَى أَنْ تَمْنَعَ لَهُ " , وَهَذَا كَمَا قَالَ : لَوْ كَانَتْ تُمْنَعُ لِخَاصَّةٍ فَلِمَا كَانَ لِعَامَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مَظْلِمَةٌ . وَقَوْلُ عُمَرَ " لَوْلاَ الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِلاَدِهِمْ شِبْرًا إنِّي لَمْ أَحْمِهَا لِنَفْسِي , وَلاَ لِخَاصَّتِي وَإِنِّي حَمَيْتهَا لِمَالِ اللَّهِ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَكَانَتْ مِنْ أَكْثَرِ مَا عِنْدَهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى الْحِمَى فَنَسَبَ الْحِمَى إلَيْهَا لِكَثْرَتِهَا , وَقَدْ أَدْخَلَ الْحِمَى خَيْلَ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " فَلَمْ يَكُنْ مَا حَمَى لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ أَوْلَى بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْحِمَى مِمَّا تَرَكَهُ أَهْلُهُ وَيَحْمِلُونَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; لِأَنَّ كُلًّا لِتَعْزِيرِ الْإِسْلاَمِ , وَأَدْخَلَ فِيهَا إبِلَ الضَّوَالِّ ; لِأَنَّهَا قَلِيلٌ لِعَوَامَّ مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ وَأَدْخَلَ فِيهَا مَا فَضَلَ مِنْ سُهْمَانِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ وَهُمْ عَوَامُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَحْتَاجُونَ إلَى مَا جَعَلَ مَعَ إدْخَالِهِ مَنْ ضَعُفَ عَنْ النُّجْعَةِ مِمَّنْ قَلَّ مَالُهُ , وَفِي تَمَاسُكِ أَمْوَالِهِمْ عَلَيْهِمْ غِنًى عَنْ أَنْ يُدْخَلُوا عَلَى@
الصفحة 96