كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

مَنْ جُومِعَهُ فَكَانَ هَذَا وَإِنْ كَانَ تَعْرِيضًا مَنْهِيًّا عَنْهُ لِقُبْحِهِ وَمَا عَرَّضَ بِهِ مِمَّا سِوَى هَذَا مِمَّا يُفْهِمُ الْمَرْأَةَ بِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا فَجَائِزٌ لَهُ وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ بِالْإِجَابَةِ لَهُ جَائِزٌ لَهَا لاَ يَحْظُرُ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْرِيضِ شَيْءٌ يُبَاحُ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يُبَاحُ لَهَا وَإِنْ صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ وَصَرَّحَتْ لَهُ بِالْإِجَابَةِ أَوْ لَمْ تُصَرِّحْ وَلَمْ يَعْقِدْ النِّكَاحَ فِي الْحَالَيْنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَالتَّصْرِيحُ لَهُمَا مَعًا مَكْرُوهٌ وَلاَ يَفْسُدُ النِّكَاحُ بِالسَّبَبِ غَيْرِ الْمُبَاحِ مِنْ التَّصْرِيحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ الْخِطْبَةِ لَيْسَ بِالْخِطْبَةِ أَلاَ تَرَى أَنَّ امْرَأَةً مُسْتَخِفَّةً لَوْ قَالَتْ لاَ أَنْكِحُ رَجُلاً حَتَّى أَرَاهُ مُتَجَرِّدًا أَوْ حَتَّى أُخْبِرَهُ بِالْفَاحِشَةِ فَأَرْضَاهُ فِي الْحَالَيْنِ فَتَجَرَّدَ لَهَا أَوْ أَتَى مِنْهَا مُحَرَّمًا ثُمَّ نَكَحَتْهُ بَعْدَمَا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَمَا فَعَلاَهُ قَبْلَهُ مُحَرَّمًا لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ بِسَبَبِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَادِثٌ بَعْدَ سَبَبِهِ وَالنِّكَاحُ غَيْرُ سَبَبِهِ , وَهَذَا مِمَّا وَصَفْت مِنْ أَنَّ الْأَشْيَاءَ إنَّمَا تَحِلُّ وَتَحْرُمُ بِعَقْدِهَا لاَ بِأَسْبَابِهَا , قَالَ وَالتَّعْرِيضُ الَّذِي أَبَاحَ اللَّهُ مَا عَدَا التَّصْرِيحَ مِنْ قَوْلٍ . وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ رُبَّ مُتَطَلِّعٍ إلَيْكِ وَرَاغِبٍ فِيكِ وَحَرِيصٍ عَلَيْكِ وَإِنَّكِ لَبِحَيْثُ تُحِبِّينَ وَمَا عَلَيْكِ أَيِّمَةٌ وَإِنِّي عَلَيْكِ لَحَرِيصٌ وَفِيكِ رَاغِبٌ . وَمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا خَالَفَ التَّصْرِيحَ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجِينِي إذَا حَلَلْتِ أَوْ أَنَا أَتَزَوَّجُكِ إذَا حَلَلْتِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا جَاوَزَ بِهِ التَّعْرِيضَ وَكَانَ بَيَانًا أَنَّهُ خِطْبَةٌ لاَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْخِطْبَةِ . قَالَ وَالْعِدَّةُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ وَإِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ فَلاَ زَوْجَ يُرْجَى نِكَاحُهُ بِحَالٍ . وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يُعَرِّضَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الطَّلاَقِ الَّذِي لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الْمُطَلِّقُ الرَّجْعَةَ احْتِيَاطًا . وَلاَ يُبَيِّنُ أَنْ لاَ يَجُوزَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ أَمْرَهَا فِي عِدَّتِهَا كَمَا هُوَ غَيْرُ مَالِكِهَا إذَا حَلَّتْ مِنْ عِدَّتِهَا فَأَمَّا الْمَرْأَةُ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَرِّضَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِي@

الصفحة 102