كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ فَلاَ يَجُوزُ تَثْبِيتُهَا مَرَّةً وَرَدُّهَا أُخْرَى وَحُجَّتُهُ عَلَى مَنْ قَالَ لاَ أَقْبَلُ إلَّا الْإِجْمَاعَ لِأَنَّهُ لاَ يُعَدُّ إجْمَاعًا تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَلَيْسَ يُسْأَلُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْتُهُ إلَّا قَالَ إنَّمَا نُثْبِتُهُ مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ يَرُدُّ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَقْوَى مِنْهُ مِرَارًا , قَالَ وَلَيْسَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا مِمَّا أَحَلَّ وَحَرَّمَ فِي الْكِتَابِ مَعْنًى , إلَّا أَنَّا إذَا قَبِلْنَا تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَنْ اللَّهِ تَعَالَى قَبِلْنَاهُ بِمَا فَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ حَرُمَ مِنْ النِّسَاءِ وَأَحَلَّ مَا وَرَاءَهُنَّ ؟ قِيلَ الْقُرْآنُ عَرَبِيُّ اللِّسَانِ مِنْهُ مُحْتَمَلٌ وَاسِعٌ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ حَرُمَ بِكُلِّ حَالٍ فِي الْأَصْلِ وَمَنْ حَرُمَ بِكُلِّ حَالٍ إذَا فَعَلَ النَّاكِحُ أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ شَيْئًا مِثْلَ الرَّبِيبَةِ إذَا دَخَلَ بِأُمِّهَا حَرُمَتْ وَمِثْلَ امْرَأَةِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ إذَا نَكَحَهَا أَبُوهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ , وَكَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَحَرَّمَهُ وَلَيْسَ فِي تَحْرِيمِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إبَاحَةُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا عَدَا الْأُخْتَيْنِ إذَا كَانَ مَا عَدَا الْأُخْتَيْنِ مُخَالِفًا لَهُمَا كَانَ أَصْلاً فِي نَفْسِهِ . وَقَدْ يَذْكُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ فَيُحَرِّمُهُ وَيُحَرِّمُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَهُ , مِثْلُ قَوْلِهِ { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِأَنَّهُ انْتَهَى بِتَحْلِيلِ النِّكَاحِ إلَى أَرْبَعٍ { وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِغَيْلاَنَ بْنِ سَلَمَةَ وَأَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ } فَأَبَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ انْتِهَاءَ اللَّهِ بِتَحْلِيلِهِ إلَى أَرْبَعٍ حَظْرٌ لِمَا وَرَاءَ أَرْبَعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نَصًّا فِي الْقُرْآنِ , وَحَرُمَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْجَمْعِ وَالنَّسَبِ النِّسَاءُ الْمُطَلَّقَاتُ ثَلاَثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ بِالْقُرْآنِ وَامْرَأَةُ الْمُلاَعَنِ بِالسُّنَّةِ وَمَا سِوَاهُنَّ مِمَّا سُمِّيَتْ كِفَايَةٌ لِمَا اسْتَثْنَى مِنْهُ . قَالَ : وَالْقَوْلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَعَمَّاتِهَا مِنْ قِبَلِ آبَائِهَا وَخَالَتِهَا وَخَالاَتِهَا مِنْ قِبَلِ أُمَّهَاتِهَا وَإِنْ بَعُدْنَ كَالْقَوْلِ فِي الْأَخَوَاتِ سَوَاءٌ إنْ نَكَحَ وَاحِدَةً ثُمَّ نَكَحَ أُخْرَى بَعْدَهَا ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى وَسَقَطَ نِكَاحُ الْآخِرَةِ وَإِنْ نَكَحَهُمَا فِي عُقْدَةٍ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحَهُمَا@

الصفحة 12