كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ نَسَبِ أَمَةٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ دَانَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا كَمَا لاَ يَحِلُّ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ مِنْهُمْ وَلاَ يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِمُسْلِمٍ بِحَالٍ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى مَنْ حَرُمَ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ وَغَيْرُ حَلاَلٍ مَنْصُوصَةٌ بِالْإِحْلاَلِ كَمَا نَصَّ حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النِّكَاحِ وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا أَحَلَّ نِكَاحَ إمَاءِ أَهْلِ الْإِسْلاَمِ بِمَعْنَيَيْنِ سَوَاءٌ أَنْ لاَ يَجِدَ النَّاكِحُ طَوْلاً لِحُرَّةٍ وَيَخَافَ الْعَنَتَ وَالشَّرْطَانِ فِي إمَاءِ الْمُسْلِمِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُنَّ أُحِلَّ بِمَعْنًى دُونَ مَعْنًى وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَنْ خَالَفَهُنَّ مِنْ إمَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَالْأَمَةَ الْمُشْرِكَةَ خَارِجَةٌ مِنْهُ فَلَوْ نَكَحَ رَجُلٌ أَمَةً كِتَابِيَّةً كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ فَلاَ صَدَاقَ لَهَا وَإِنْ كَانَ وَطِئَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالنَّاكِحِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَيُبَاعُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ كَانَ كِتَابِيًّا وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يُبَعْ عَلَيْهِ . وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ مُنِعَ أَنْ يَعُودَ لَهَا حَبِلَتْ أَوْ لَمْ تَحْبَلْ وَإِنْ حَبِلَتْ فَوَلَدَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِدِينِهَا كَمَا يَكُونُ أَمَةٌ لَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِدِينِهَا فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ وَيَسْتَخْدِمَهَا فِيمَا تُطِيقُ كَمَا يَسْتَخْدِمُ أَمَةً غَيْرَهَا , وَإِنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ لِأُمِّهَا حُرَّةً كِتَابِيَّةً أَبُوهَا كِتَابِيٌّ فَاشْتَرَاهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّ وَطْءَ الْأُولَى الَّتِي هِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ وَإِنَّمَا الْجَمْعُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ . وَإِنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ مِنْ أَبِيهَا تَدِينُ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ نَسَبَهَا إلَى أَبِيهَا وَأَبُوهَا غَيْرُ كِتَابِيٍّ إنَّمَا أَنْظُرُ فِيمَا يَحِلُّ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ إلَى نَسَبِ الْأَبِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَرْأَةِ يُسْلِمُ أَحَدُ أَبَوَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ الْإِسْلاَمَ لاَ يُشْرِكُهُ شِرْكٌ وَالشِّرْكُ يُشْرِكُ الشِّرْكَ , وَالنَّسَبُ إلَى الْأَبِ وَكَذَلِكَ الدِّينُ لَهُ مَا لَمْ تَبْلُغْ الْجَارِيَةُ وَلَوْ أَنَّ أُخْتَهَا بَلَغَتْ وَدَانَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَبُوهَا وَثَنِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَمَا لاَ يَحِلُّ وَطْءُ وَثَنِيَّةٍ انْتَقَلَتْ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ أَصْلَ دِينِهَا غَيْرُ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ .@

الصفحة 22