كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : إذَا اجْتَمَعَ الْوُلاَةُ فَكَانُوا شَرْعًا فَأَيُّهُمْ صَلُحَ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا بِحَالٍ فَهُوَ كَأَفْضَلِهِمْ وَسَوَاءٌ الْمُسِنُّ مِنْهُمْ وَالْكَهْلُ وَالشَّابُّ وَالْفَاضِلُ وَاَلَّذِي دُونَهُ إذَا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فَأَيُّهُمْ زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا كُفُؤًا جَازَ وَإِنْ سَخِطَ ذَلِكَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْوُلاَةِ وَأَيُّهُمْ زَوَّجَ بِإِذْنِهَا غَيْرَ كُفُؤٍ فَلاَ يَثْبُتُ النِّكَاحُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ : وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَتْ جَمَاعَتُهُمْ عَلَى تَزْوِيجِ غَيْرِ كُفْءٍ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمْ كَانَ النِّكَاحُ مَرْدُودًا بِكُلِّ حَالٍّ حَتَّى تَجْتَمِعَ الْوُلاَةُ مَعًا عَلَى إنْكَاحِهِ قَبْلَ إنْكَاحِهِ فَيَكُونَ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ . وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَقْرَبَ مِمَّنْ دُونَهُ فَزَوَّجَ غَيْرَ كُفْءٍ بِإِذْنِهَا فَلَيْسَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ لَهُمْ مَعَهُ قَالَ : وَلَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْكُفْءِ مُحَرَّمًا فَأَرُدُّهُ بِكُلِّ حَالٍ إنَّمَا هُوَ نَقْصٌ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ وَالْوُلاَةِ فَإِذَا رَضِيَتْ الْمُزَوَّجَةُ وَمَنْ لَهُ الْأَمْرُ مَعَهَا بِالنَّقْصِ لَمْ أَرُدَّهُ .
قَالَ : وَإِذَا زَوَّجَ الْوَلِيُّ الْوَاحِدُ كُفُؤًا بِأَمْرِ الْمَرْأَةِ الْمَالِكِ لِأَمْرِهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوُلاَةِ رَدُّ النِّكَاحِ وَلاَ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ حَتَّى يُكْمِلُوا لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَقْصِ الْمَهْرِ نَقْصُ نَسَبٍ إنَّمَا هُوَ نَقْصُ الْمَالِ وَنَقْصُ الْمَالِ لَيْسَ عَلَيْهَا وَلاَ عَلَيْهِمْ فِيهِ نَقْصُ حَسَبٍ وَهِيَ أَوْلَى بِالْمَالِ مِنْهُمْ وَإِذَا رَضِيَ الْوَلِيُّ الَّذِي لاَ أَقْرَبَ مِنْهُ بِإِنْكَاحِ رَجُلٍ غَيْرِ كُفْءٍ فَأَنْكَحَهُ بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ وَالْوُلاَةِ الَّذِينَ هُمْ شَرْعٌ ثُمَّ أَرَادَ الْوَلِيُّ الْمُزَوِّجُ وَالْوُلاَةُ رَدَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَعْدَ رِضَاهُمْ وَتَزْوِيجِهِمْ إيَّاهُ بِرِضَا الْمَرْأَةِ , وَإِنْ كَانُوا زَوَّجُوهَا بِأَمْرِهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَكَانَتْ لاَ يَجُوزُ أَمْرُهَا فِي مَالِهَا فَلَهَا تَمَامُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لاَ يُرَدُّ فَهُوَ كَالْبُيُوعِ الْمُسْتَهْلَكَةِ كَمَا لَوْ بَاعَتْ وَهِيَ مَحْجُورَةٌ بَيْعًا فَاسْتُهْلِكَ وَقَدْ غُبِنَتْ فِيهِ لَزِمَ مُشْتَرِيَهُ قِيمَتُهُ , قَالَ وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحْجُورًا عَلَيْهَا مَالُهَا فَسَوَاءٌ مَنْ حَابَى فِي صَدَاقِهَا أَبٌ أَوْ غَيْرُهُ لاَ تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ وَيُلْحَقُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَلاَ يُرَدُّ النِّكَاحُ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أُخِذَ لَهَا نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا .@

الصفحة 40