كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

كَرِهَتْ فَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ اسْتِئْمَارِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُؤْمَرُ بِمُشَاوِرَةِ الْبِكْرِ وَلاَ أَمْرَ لَهَا مَعَ أَبِيهَا الَّذِي أُمِرَ بِمُشَاوِرَتِهَا ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرًا إنَّمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ طَاعَتَهُ وَلَكِنَّ فِي الْمُشَاوِرَةِ اسْتِطَابَةَ أَنْفُسِهِمْ وَأَنْ يَسْتَنَّ بِهَا مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَى النَّاسِ مَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالِاسْتِدْلاَلُ بِأَنْ يَأْتِيَ مِنْ بَعْضِ الْمُشَاوِرِينَ بِالْخَيْرِ قَدْ غَابَ عَنْ الْمُسْتَشِيرِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا . قَالَ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَأَبُوهُ وَأَبُو أَبِيهِ يَقُومُونَ مَقَامَ الْأَبِ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ وَوِلاَيَةِ الثَّيِّبِ مَا لَمْ يَكُنْ دُونَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَبٌ أَقْرَبَ مِنْهُ وَلَوْ زُوِّجَتْ الْبِكْرُ أَزْوَاجًا مَاتُوا عَنْهَا أَوْ فَارَقُوهَا وَأَخَذَتْ مُهُورًا وَمَوَارِيثَ دَخَلَ بِهَا أَزْوَاجُهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلُوا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تُجَامِعْ زُوِّجَتْ تَزْوِيجَ الْبِكْرِ لِأَنَّهُ لاَ يُفَارِقُهَا اسْمُ بِكْرٍ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا وَسَوَاءٌ بَلَغَتْ سِنًّا وَخَرَجَتْ الْأَسْوَاقَ وَسَافَرَتْ وَكَانَتْ قَيِّمَ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا بِكْرٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا .
( قَالَ ) وَإِذَا جُومِعَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ زِنًا صَغِيرَةً كَانَتْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ كَانَتْ ثَيِّبًا لاَ يَكُونُ لِلْأَبِ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَلاَ يَكُونُ لَهُ تَزْوِيجُهَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ إنَّمَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إذَا كَانَتْ بِكْرًا لِأَنَّهُ لاَ أَمْرَ لَهَا فِي نَفْسِهَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً وَلاَ بَالِغًا مَعَ أَبِيهَا قَالَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْآبَاءِ أَنْ يُزَوِّجَ بِكْرًا وَلاَ ثَيِّبًا صَغِيرَةً لاَ بِإِذْنِهَا وَلاَ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلاَ يُزَوِّجُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى تَبْلُغَ فَتَأْذَنَ فِي نَفْسِهَا . وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدٌ غَيْرُ الْآبَاءِ صَغِيرَةً فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ وَلاَ يَتَوَارَثَانِ وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلاَقٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ لاَ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ وَلاَ مِيرَاثٌ وَالْآبَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي الثَّيِّبِ سَوَاءٌ لاَ يُزَوِّجُ أَحَدٌ الثَّيِّبَ إلَّا بِإِذْنِهَا , وَإِذْنُهَا الْكَلاَمُ , وَإِذْنُ الْبِكْرِ الصَّمْتُ . وَإِذَا زَوَّجَ الْأَبُ الثَّيِّبَ بِغَيْرِ عِلْمِهَا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ رَضِيَتْ بَعْدُ أَوْ لَمْ تَرْضَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ .@

الصفحة 48