كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

فَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّاهُ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِهِ أَنْ يُدْعَى الْأَدْعِيَاءُ لِآبَائِهِمْ { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } وَقَالَ { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ } إلَى قَوْلِهِ مَوَالِيكُمْ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ } الْآيَةُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَشْبَهَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ { وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } دُونَ أَدْعِيَائِكُمْ الَّذِينَ تُسَمُّونَهُمْ أَبْنَاءَكُمْ وَلاَ يَكُونُ الرَّضَاعِ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ وَحَرَّمْنَا مِنْ الرَّضَاعِ بِمَا حَرَّمَ اللَّهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَبِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلاَدَةِ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ? وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } وَفِي قَوْلِهِ { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَجْمَعُ فِي عُمْرِهِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ يَنْكِحَ مَا نَكَحَ أَبُوهُ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِتَحْرِيمِهِ لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا كَانُوا قَدْ جَمَعُوا بَيْنَهُ قَبْلَ الْإِسْلاَمِ كَمَا أَقَرَّهُمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نِكَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ فِي الْإِسْلاَمِ بِحَالٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَمَا حَرَّمْنَا عَلَى الْآبَاءِ مِنْ نِسَاءِ الْأَبْنَاءِ وَعَلَى الْأَبْنَاءِ مِنْ نِسَاءِ الْآبَاءِ وَعَلَى الرَّجُلِ مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَبَنَاتِ نِسَائِهِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ بِالنِّكَاحِ فَأُصِيبَ فَأَمَّا بِالزِّنَا @

الصفحة 69