كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

يُخْبِرُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ جَاءَ إلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا : إنَّ لِي سُرِّيَّةً قَدْ أَصَبْتهَا وَأَنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ لَهَا ابْنَةٌ جَارِيَةٌ لِي أفأستسر ابْنَتَهَا ؟ فَقَالَتْ لاَ فَقَالَ : فَإِنِّي وَاَللَّهِ لاَ أَدَعُهَا إلَّا أَنْ تَقُولِي لِي حَرَّمَهَا اللَّهُ فَقَالَتْ لاَ يَفْعَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِي وَلاَ أَحَدٌ أَطَاعَنِي .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَةٌ فَطَلَّقَهَا فَكَانَ لاَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَامِعٍ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ , وَإِذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فَفِي ذَلِكَ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَهَذِهِ مَنْكُوحَةٌ بَعْدَ الْأُخْرَى وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَأَرَادَ وَطْءَ أُخْتِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يَطَأَ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الَّتِي كَانَ يَطَأُ بِنِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ مِلْكِهِ , فَإِذَا فَعَلَ بَعْضَ هَذَا ثُمَّ وَطِئَ الْأُخْتَ ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ رُدَّتْ الْمَنْكُوحَةُ كَانَتْ الَّتِي أُبِيحَ لَهُ فَرْجُهَا أَوَّلاً ثُمَّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ حَلاَلٍ لَهُ حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الَّتِي وَطِئَ بَعْدَهَا كَمَا حَرُمَ فَرْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا ثُمَّ هَكَذَا أَبَدًا , وَسَوَاءٌ وَلَدَتْ لَهُ الَّتِي وَطِئَ أَوَّلاً وَآخِرًا أَوْ لَمْ تَلِدْ لِأَنَّهُ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ إنَّمَا يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ .
وَإِذَا اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ فِي أُخْتَيْنِ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لاَ يُفْسِدُهُ مِلْكُ الْيَمِينِ كَانَ النِّكَاحُ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ
فَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْ لَمْ تَلِدْ حَتَّى يَنْكِحَ أُخْتَهَا كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا وَحَرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الْأُخْتِ بِالْوَطْءِ مَا كَانَتْ أُخْتُهَا زَوْجَةً لَهُ , وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ حَرَّمَ فَرْجَ أُخْتَهَا الْمَمْلُوكَةِ حِينَ يَعْقِدُ نِكَاحَ أُخْتِهَا بِالنِّكَاحِ أَوْ قَبْلَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى ذَلِكَ وَلاَ عَلَى بَيْعِهَا وَنَهَيْته عَنْ وَطْئِهَا كَمَا لاَ أُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِ جَارِيَةٍ لَهُ وَطِئَ ابْنَتَهَا وَأَنْهَاهُ عَنْ وَطْئِهَا .
وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ زَوْجَةٌ فَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا حُرَّةً كَانَ نِكَاحُ الْآخِرَةِ مَفْسُوخًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ ؟ قِيلَ لَهُ@

الصفحة 7