كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

فَلاَ حُكْمَ لِلزِّنَا يُحَرِّمُ حَلاَلاً فَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَلاَ عَلَى ابْنِهِ وَلاَ عَلَى أَبِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَنَى بِأُمِّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ فَزَنَى بِأُخْتِهَا لَمْ يَجْتَنِبْ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ جَامِعًا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ احْتَمَلَ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِ النَّسَبُ وَيُؤْخَذُ فِيهِ الْمَهْرُ وَيُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ وَتَكُونُ فِيهِ الْعِدَّةُ وَهَذَا حُكْمُ الْحَلاَلِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَحْرُمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاضِحًا فَلَوْ نَكَحَ رَجُلٌ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا فَأَصَابَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ عِنْدِي أَنْ يَنْكِحَ أُمَّهَا وَلاَ ابْنَتَهَا. وَلاَ يَنْكِحُهَا أَبُوهُ وَلاَ ابْنُهُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ النَّاكِحُ نِكَاحًا فَاسِدًا لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِلاَ إصَابَةٍ فِيهِ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُكْمَهُ لاَ يَكُونُ فِيهِ صَدَاقٌ وَلاَ يَلْحَقُ فِيهِ طَلاَقٌ وَلاَ شَيْءٌ مِمَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا لاَ يُحَرِّمُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْإِصَابَةُ كَمَا لاَ يُحَرِّمُ الزِّنَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَلاَ تَرَى أَنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَلْحَقُهَا وَلاَ مَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ , وَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا وَغَيْرُهُ: كُلُّ مَا حَرَّمَهُ الْحَلاَلُ فَالْحَرَامُ أَشَدُّ لَهُ تَحْرِيمًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ وَصَفْنَا فِي كِتَابِ الِاخْتِلاَفِ , ذِكْرَ هَذَا وَغَيْرَهُ. وَجَمَاعَةٌ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا أَثْبَتَ الْحُرْمَةَ بِالنَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَجَعَلَ ذَلِكَ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِهِ عَلَى خَلْقِهِ فَمَنْ حَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ فَيُحَرِّمُهُ الرِّجَالُ عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ الصِّهْرِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ رَضِيَ النِّكَاحَ وَأَمَرَ بِهِ وَنَدَبَ إلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُرْمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَبَى شَيْئًا دَعَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ كَالزَّانِي الْعَاصِي لِلَّهِ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَا عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالنِّكَاحِ إنَّمَا هُوَ نِعْمَةٌ لاَ نِقْمَةٌ فَالنِّعْمَةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِالْحَلاَلِ لاَ تَثْبُتُ بِالْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَ اللَّه فِيهِ النِّقْمَةَ عَاجِلاً وَآجِلاً وَهَكَذَا لَوْ زَنَى رَجُلٌ بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا الَّتِي زَنَى بِهَا مَكَانَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا حُرِّمَ مِنْ الرَّضَاعِ مَا حُرِّمَ مِنْ النَّسَبِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ@

الصفحة 70