كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)
أَحَالَ النِّيَّةَ فِيهِ إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا غَيْرَ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِيهِ لَمْ يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظِهَارَانِ فَصَامَ شَهْرَيْنِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلاَ يَنْوِي عَنْ أَيِّهِمَا هُوَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيُجْزِئُهُ , وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْهُمَا وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلاَثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَصَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا يَنْوِي بِجَمِيعِ هَذِهِ الْكَفَّارَاتِ الظِّهَارَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا كَانَ مُجْزِئًا عَنْهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَدَاؤُهَا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ لَزِمَتْهُ وَسَوَاءٌ كَفَّرَ أَيَّ كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عِنْدَهُ أَوْ مَيِّتَةً أَوْ عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ بِأَيِّ حَالٍ كَانَتْ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله : وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ فِي رِدَّتِهِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلاَمِ أَجْزَأَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّاهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ عَلَيْهِ إطْعَامُ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَهُمْ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا فَأُخِذَ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ عُقُوبَةٌ عَلَى بَدَنِهِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ . فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا لاَ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُهُ وَلاَ يُكَفَّرُ بِهِ عَنْهُ . قِيلَ : وَالْحُدُودُ نَزَلَتْ كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ { وَحَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودِيَّيْنِ بِالرَّجْمِ } وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَفَّارَةً لَهُمَا بِخِلاَفِهِمَا فِي دِينِ الْإِسْلاَمِ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عُقُوبَةً عَلَيْهِمَا فَأُخِذَتْ وَإِنْ لَمْ تُكْتَبْ لَهُمَا , وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ فَصَامَهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْعَمَلُ عَلَى الْبَدَنِ لاَ يُجْزِئُ عَنْهُ وَلاَ يُجْزِئُ إلَّا لِمَنْ يُكْتَبُ لَهُ .@
الصفحة 716