كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

أَخَذْنَا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِحِكَايَةِ عَائِشَةَ أَنَّهُنَّ يُحَرِّمْنَ وَأَنَّهُنَّ مِنْ الْقُرْآنِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلاَ يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ , وَذَلِكَ أَنْ يَرْضَعَ الْمَوْلُودُ ثُمَّ يَقْطَعَ الرَّضَاعَ ثُمَّ يَرْضَعَ , ثُمَّ يَقْطَعَ الرَّضَاعَ فَإِذَا رَضَعَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مَا قَلَّ مِنْهُ وَكَثُرَ فَهِيَ رَضْعَةٌ , وَإِذَا قَطَعَ الرَّضَاعَ ثُمَّ عَادَ لِمِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ رَضْعَةٌ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ الْتَقَمَ الْمُرْضَعُ الثَّدْيَ ثُمَّ لَهَا بِشَيْءٍ قَلِيلاً ثُمَّ عَادَ كَانَتْ رَضْعَةً وَاحِدَةً وَلاَ يَكُونُ الْقَطْعُ إلَّا مَا انْفَصَلَ انْفِصَالاً بَيِّنًا كَمَا يَكُونُ الْحَالِفُ لاَ يَأْكُلُ بِالنَّهَارِ إلَّا مَرَّةً فَيَكُونُ يَأْكُلُ وَيَتَنَفَّسُ بَعْدَ الِازْدِرَادِ إلَى أَنْ يَأْكُلَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَرَّةً وَإِنْ طَالَ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ قَطَعَ ذَلِكَ قَطْعًا بَيِّنًا بَعْدَ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ الطَّعَامِ ثُمَّ أَكَلَ كَانَ حَانِثًا وَكَانَ هَذَا أَكْلَتَيْنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَخَذَ ثَدْيَهَا الْوَاحِدَ فَأَنْفَدَ مَا فِيهِ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى الْآخَرِ مَكَانَهُ فَأَنْفَدَ مَا فِيهِ كَانَتْ هَذِهِ رَضْعَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ الرَّضَاعَ قَدْ يَكُونُ بَقِيَّةَ النَّفَسِ وَالْإِرْسَالِ وَالْعَوْدَةِ كَمَا يَكُونُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ بَقِيَّةَ النَّفَسِ وَهُوَ طَعَامٌ وَاحِدٌ وَلاَ يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَلِيلِ رَضَاعِهِ وَلاَ كَثِيرِهِ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ رَضْعَةٌ وَمَا لَمْ يُتِمَّ خَمْسًا لَمْ يَحْرُمْ بِهِنَّ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ وَكَذَلِكَ السَّعُوطُ لِأَنَّ الرَّأْسَ جَوْفٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ لَمْ تُحَرِّمْ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى أَنَّهَا تُحَرِّمُ ؟ قِيلَ بِمَا حَكَيْنَا أَنَّ عَائِشَةَ تَحْكِي أَنَّ الْكِتَابَ يُحَرِّمُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسْخِنَ بِخَمْسٍ وَبِمَا حَكَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ { لاَ تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلاَ الرَّضْعَتَانِ } وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرْضَعَ سَالِمٌ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمُ@

الصفحة 76