كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

الْعَامِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لاَ يُحَرِّمُ وَلاَ بُدَّ إذَا اخْتَلَفَ الرَّضَاعُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ طَلَبِ الدَّلاَلَةِ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي إذَا صَارَ إلَيْهِ الْمُرْضِعُ فَأَرْضَعَ لَمْ يَحْرُمْ. (قَالَ) وَالدَّلاَلَةُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَوْجُودَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَمَامَ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ. وَقَالَ {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إرْخَاصَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي فِصَالِ الْحَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِصَالِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَذَلِكَ لاَ يَكُونُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْمَوْلُودِ مِنْ وَالِدَيْهِ أَنْ يَكُونَا يَرَيَانِ أَنَّ فِصَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ إتْمَامِ الرَّضَاعِ لَهُ لِعِلَّةٍ تَكُونُ بِهِ أَوْ بِمُرْضِعَتِهِ وَأَنَّهُ لاَ يَقْبَلُ رَضَاعَ غَيْرِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا. وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ غَايَةً بِالْحُكْمِ بَعْدَ مُضِيِّ الْغَايَةِ فِيهِ غَيْرَهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا ذَلِكَ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاَةِ} الْآيَةُ فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا مُسَافِرِينَ وَكَانَ فِي شَرْطِ الْقَصْرِ لَهُمْ بِحَالٍ مَوْصُوفَةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ غَيْرُ الْقَصْرِ. وَقَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} فَكُنَّ إذَا مَضَتْ الثَّلاَثَةُ الْأَقْرَاءُ فَحُكْمُهُنَّ بَعْدَ مُضِيِّهَا غَيْرُ حُكْمِهِنَّ فِيهَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ قَالَ عُرْوَةُ قَالَ غَيْرُ عَائِشَةَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا نَرَى هَذَا مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا رُخْصَةً فِي سَالِمٍ. قِيلَ: فَقَوْلُ عُرْوَةَ عَنْ جَمَاعَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرِ عَائِشَةَ لاَ يُخَالِفُ قَوْلَ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ مَعَ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْحَدِيثِ هُوَ خَاصَّةً وَزِيَادَةُ قَوْلِ غَيْرِهَا مَا نَرَاهُ إلَّا رُخْصَةً مَعَ مَا وَصَفْت مِنْ دَلاَلَةِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي قَدْ حَفِظْت عَنْ عِدَّةٍ مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَضَاعَ سَالِمٍ خَاصٌّ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِي هَذَا خَبَرٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا قُلْت فِي @

الصفحة 80