كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرْضِعَ مُخَالِفٌ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ وَلِلْأَبِ عَلَى الِابْنِ حُقُوقُ الْمِيرَاثِ وَالْعَقْلُ وَالْوِلاَيَةُ لِلدَّمِ وَنِكَاحُ الْبَنَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَنِينَ وَلاَ يَثْبُتُ لِلْمُرْضِعِ عَلَى ابْنِهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ وَلاَ لِابْنِهِ الَّذِي أَرْضَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ , وَلَعَلَّ الْعِلَّةَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُمَا مَعًا لِهَذَا السَّبَبِ , فَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ جَعَلَ الْمُرْضِعَ ابْنَهُمَا مَعًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْخِيَارَ فِي أَنْ يَكُونَ ابْنَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَالَ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَهُ الَّتِي فِي مَعْنَاهَا . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْوَلَدِ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ الْوَلَدُ أَنْ يَكُونَ أَبَاهُ فَهُوَ أَبُوهُ وَأَبُو الْمُرْضَعِ وَلاَ يَكُونُ لِلْمُرْضِعِ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَوْلُودُ لِأَنَّ الرَّضَاعَ تَبَعٌ لِلنَّسَبِ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَلَمْ يَخْتَرْ كَانَ لِلْمُرْضِعِ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَيَكُونَ أَبَاهُ وَيَنْقَطِعَ عَنْهُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ وَالْوَرَعُ أَنْ لاَ يَنْكِحَ بَنَاتِ الْآخَرِ وَلاَ يَكُونُ لَهُنَّ مَحْرَمًا يَرَاهُنَّ بِانْقِطَاعِ أُبُوَّتِهِ عَنْهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلاً بِلَبَنِ وَلَدٍ فَانْتَفَى أَبُو الْمَوْلُودِ مِنْهُ فَلاَعَنَهَا فَنُفِيَ عَنْهُ نَسَبُهُ لَمْ يَكُنْ أَبًا لِلْمُرْضَعِ فَإِنْ رَجَعَ الْأَبُ يَنْسُبُهُ إلَيْهِ ضُرِبَ الْحَدُّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَرَجَعَ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ أَبَا الْمُرْضَعِ مِنْ الرَّضَاعَةِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تُرْضِعُ وَكَانَتْ تَحِيضُ فِي رَضَاعِهَا ذَلِكَ ثَلاَثَ حَيْضٍ وَلَبَنُهَا دَائِمٌ أَرْضَعَتْ مَوْلُودًا فَالْمَوْلُودُ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الَّذِي طَلَّقَ أَوْ مَاتَ وَاللَّبَنُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ لَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجًا بَعْدَ انْقِطَاعِ لَبَنِهَا أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ لَبَنُهَا وَأَصَابَهَا الزَّوْجُ فَثَابَ لَبَنُهَا وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَاللَّبَنُ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ فَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلاَ يَكُونُ ابْنَ الْآخَرِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ أَحْبَلَهَا الزَّوْجُ الْآخَرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ لَبَنِهَا مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَثَابَ لَبَنُهَا سُئِلَ النِّسَاءُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي يَثُوبُ فِيهِ اللَّبَنُ وَيَبِينُ الْحَمْلُ فَإِنْ قُلْنَ@

الصفحة 87