كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 6)

قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ صَبِيَّةً ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَوْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنَتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِلَبَنِ ابْنِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّبِيَّةُ أَبَدًا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَرَجَعَ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا تَعَمَّدَتْ إفْسَادَ النِّكَاحِ أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ تَعَمَّدَ الْفَسَادَ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَقِيمَتُهُ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْهَا مِمَّا يَلْزَمُ زَوْجَهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَا أَصْدَقَهَا أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ أَصْدَقَهَا شَيْئًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا كَانَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا شَيْئًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهُ مَهْرَهَا كُلَّهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا وَقَعَتْ بِإِرْضَاعِهَا فَفَسَادُ نِكَاحِهَا غَيْرُ جِنَايَةٍ إلَّا بِمَعْنَى إفْسَادِ النِّكَاحِ وَإِفْسَادِ النِّكَاحِ كَانَ بِالرَّضَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ نِكَاحِهِ جَائِزًا لَهَا وَبَعْدَ نِكَاحِهِ إلَّا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ فَسَادًا عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فَسَادًا عَلَيْهِ أَلْزَمْتهَا مَا كَانَ لاَزِمًا لِلزَّوْجِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي لَزِمَهُ بِتَسْمِيَتِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ حَابَى بِهِ فِي مَالِهِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ إذَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ عَلَيْهِ مِمَّا لَزِمَهُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا عَلَى مَا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ اسْتَهْلَكَهَا وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ لَمْ يَغْرَمْ مِائَةً . وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُغَرِّمَهَا الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَا سَمَّى لَهَا أَنَّ أَبَاهَا لَوْ حَابَاهُ فِي صَدَاقِهَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَمْ أُغَرِّمْهَا إلَّا مَا يَلْزَمُهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ قِيمَةُ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا أَصْدَقَهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ أَنْ أُسْقِطَ عَنْهَا الْغُرْمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقًا أَنَّهُ كَانَ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ طَلَّقَهَا وَلِأَنِّي لاَ أُجِيزَ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةَ فِي صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا أَغْرَمْتهَا مَا لَزِمَهُ بِكُلِّ حَالٍ وَأَبْطَلْت عَنْهَا مُحَابَاتَهُ كَهِبَتِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتْعَةُ إذَا طَلُقَتْ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا إذَا كَانَتْ تَمْلِكُ مَالَهَا كَمَا يَكُونُ الْعَفْوُ لَهَا فَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَلاَ تَمْلِكُ مَالَهَا وَلاَ يَكُونُ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةُ فِي مَالِهَا .@

الصفحة 90