كتاب الأم للشافعي - ط الوفاء (اسم الجزء: 7)

فَمَاتَ الرَّجُلُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ , وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ بِالْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَشْدَخُ رَأْسَهُ أَوْ صَدْرَهُ فَيَشْدَخُهُ أَوْ خَاصِرَتَهُ فَيَقْتُلُهُ مَكَانَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لاَ يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ فَيُتَابِعُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ عَدَدِ الضَّرْبِ مَا يَكُونُ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لاَ يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ , وَكَذَلِكَ السِّيَاطُ وَمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ أَوْ فِي بَطْنِهِ أَوْ عَلَى ثَدْيَيْهِ ضَرْبًا مُتَتَابِعًا أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ الْمِائَتَيْنِ أَوْ الثَّلَثَمِائَةِ أَوْ عَلَى أَلْيَتَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ هَذَا فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ إلَّا مَيِّتًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ , ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَفِي أَنْ يُسَعِّرَ الْحُفْرَةَ حَتَّى إذَا انجحمت أَلْقَاهُ فِيهَا أَوْ يُسَعِّرَ النَّارَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُلْقِيَهُ فِيهَا مَرْبُوطًا أَوْ يَرْبِطَهُ لِيُغْرِقَهُ فِي الْمَاءِ فَإِنْ فَعَلَ هَذَا فَمَاتَ فِي مَكَانِهِ أَوْ مَاتَ بَعْدُ مِنْ أَلَمِ مَا أَصَابَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَإِذَا سَعَّرَ النَّارَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَأَلْقَاهُ فِيهَا وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ صَغِيرٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِيهَا صَحِيحًا فَكَانَ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَمَاتَ فَلاَ قَوَدَ وَإِنْ عَالَجَ التَّخَلُّصَ فَغَلَبَهُ كَثْرَتُهَا أَوْ الْتِهَابُهَا , فَفِيهِ الْقَوَدُ , وَكَذَلِكَ إنْ أُلْقِيَ فِيهَا فَلَمْ يَزَلْ يَتَحَرَّكُ يُعَالِجُ الْخُرُوجَ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَاتَ أَوْ أُخْرِجَ وَبِهِ مِنْهَا حَرْقٌ , الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لاَ يُعَاشُ مِنْهُ فَمَاتَ مِنْهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كَانَ بَعْضَ هَذَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ بِأَنْ يَكُونَ إلَى جَنْبِ أَرْضٍ لاَ نَارَ عَلَيْهَا فَإِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْقَلِبَ فَيَصِيرَ عَلَيْهَا أَوْ يَقُولَ أُقِمْتُ وَأَنَا عَلَى التَّخَلُّصِ قَادِرٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا عَلَيْهِ الدَّلاَلَةُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَقْلٌ وَلاَ قَوَدٌ وَقَدْ قِيلَ : يَكُونُ فِيهِ الْعَقْلُ . وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَرِيبٍ مِنْ سَاحِلٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَلَمْ تَغْلِبْهُ جَرْيَةُ الْمَاءِ فَمَاتَ فَلاَ قَوَدَ وَإِنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَلْقَاهُ قَرِيبًا مِنْ نَجْوَةِ أَرْضٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ سَفِينَةٍ مُقِيمَةٍ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَتَرَكَ التَّخَلُّصَ فَلاَ قَوَدَ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لاَ@

الصفحة 16